شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

لأفعال القلوب ثلاث حالات

صفحة 382 - الجزء 1

  ١٨٨ - أمرتك الخير فافعل ما أمرت به ... فقد تركتك ذا مال وذا نشب

  فجمع بين اللغتين.

  الثاني: «استغفر» قال الشاعر:

  ١٨٩ - أستغفر الله من عمدي ومن خطئي ... ذنبي وكلّ امرئ لا شكّ مؤتزر


١٨٨ - هذا بيت من البسيط، وقد نسبه قوم إلى عمرو بن معديكرب الزبيدي، وهو من شواهد سيبويه (ج ١ ص ١٧) ومن شواهد مغني اللبيب في «فصل عقدته للتدريب في ما رقم ٥٣١ بتحقيقنا» ومن شواهد المبرد في الكامل (١/ ٢١) ونسبه إلى أعشى طرود، واسمه إياس بن عامر.

اللّغة: «نشب» النشب: المال الثابت كالضياع ونحوها، وكأنه أراد بالمال الذي ذكره قبل ذلك الإبل خاصة؛ لأنها غالب أموال العرب (وانظر شرح الشاهد رقم ٢٠٠) الآتي.

الإعراب: «أمرتك» فعل وفاعل ومفعول أول، «الخير» مفعول ثان، وستعرف كلاما فيه، «فافعل» الفاء فاء الفصيحة، وافعل: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت، «ما» اسم موصول: مفعول به لا فعل، مبني على السكون في محل نصب، «أمرت» أمر: فعل ماض مبني للمجهول، وتاء المخاطب نائب فاعل، «به» جار ومجرور متعلق بأمر، وجملة الفعل ونائب فاعله لا محل لها صلة الموصول، «فقد» الفاء حرف دال على التعليل، قد: حرف تحقيق، «تركتك» فعل وفاعل ومفعول أول، «ذا» مفعول ثان لترك، وذا مضاف و «مال» مضاف إليه، «وذا» الواو عاطفة، ذا: معطوف على ذا السابق، وهو مضاف، و «نشب» مضاف إليه.

الشّاهد فيه: قوله «أمرت الخير» وقوله «أمرت به» فإن العبارة الأولى قد تعدى فيها الفعل الذي هو أمر إلى مفعولين بنفسه، وفي العبارة الثانية قد تعدى إلى الأول منهما بنفسه، وهو النائب عن الفاعل، وإلى الثاني بحرف الجر، والذي في كلام سيبويه والأعلم رحمهما الله يدل على أنهما يعتبران الأصل في هذا الفعل أنه يتعدى إلى ثاني مفعوليه بحرف الجر، ثم قد يحذف حرف الجر فيصل الفعل إلى المفعول الثاني بنفسه، فيدل ذلك على أن النصب عندهما على نزع الخافض، وأنه يقتصر فيه على المسموع، قال الأعلم: «أراد الشاعر أمرتك بالخير، فحذف ووصل الفعل ونصب، وسوغ الحذف والنصب أن الخير اسم فعل يحسن أن وما عملت فيه في موضعه، وأن: يحذف معها حرف الجر كثيرا، تقول: أمرتك أن تفعل، تريد بأن تفعل ... فإن قلت: أمرتك بزيد، لم يجز أن تقول: أمرتك زيدا، لما بينت لك» اه، ويريد بقوله «اسم فعل» أنه اسم معنى دال على الحدث.

١٨٩ - هذا بيت من البسيط، ولم أقف لهذا الشاهد على نسبة إلى قائل معين، وهو فيما يظهر لي من عمل من لا يحتج بقوله.