شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

لأفعال القلوب ثلاث حالات

صفحة 384 - الجزء 1

  الثالث: «اختار» قال الله تعالى: {وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً}⁣[الأعراف، ١٥٥]، وقال الشاعر:

  ١٩١ - وقالوا: نأت فاختر من الصّبر والبكى ... فقلت: البكى أشفى إذن لغليلي

  أي: اختر من الصبر والبكى أحدهما.

  الرابع: «كنى» بتخفيف النون. تقول «كنيته أبا عبد الله»، و «بأبي عبد الله» ويقال أيضا «كنوته» قال:

  ١٩٢ - هي الخمر لا شكّ تكنى الطّلا ... كما الذّئب يكنى أبا جعدة


قال الأعلم الشنتمري: «أراد من ذنب، فحذف الجار وأوصل الفعل فنصب، والذنب ههنا اسم جنس بمعنى الجمع فلذلك قال لست محصيه» ا ه. كلامه بحروفه، وهو رأي سيبويه وشبهه بقول المتلمس: آليت حب العراق الدهر أطعمه - يريد حلفت على حب العراق لا أطعمه أبد الدهر، فأما المؤلف فيرى هنا أن هذا الفعل له حالتان، وفي مغني اللبيب يرى أن له حالة واحدة على ما سبق في شرح الشاهد السابق ص ٣٨٣ الماضية.

١٩١ - هذا بيت من الطويل، من قصيدة طويلة لكثير بن عبد الرحمن، المعروف بكثير عزة، وأول هذه القصيدة قوله:

ألا حيّيا ليلى، أجدّ رحيلي ... وآذن أصحابي غدا بقفول

الإعراب: «قالوا» فعل وفاعل، «نأت» نأى: فعل ماض، والتاء علامة التأنيث، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي، «فاختر» الفاء حرف دال على التفريع، اختر: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت، وله مفعول محذوف «من الصبر» جار ومجرور متعلق باختر، وتقدير الكلام: فاختر من الصبر والبكى واحدا، أو فاختر ما يريحك منهما، ونحو ذلك، «فقلت» الفاء حرف عطف، وقلت: فعل وفاعل، «البكى» مبتدأ، «أشفى» خبر المبتدأ، «إذن» حرف جواب وجزاء لا عمل له، «لغليلي» الجار والمجرور متعلق بأشفى، وغليل مضاف وياء المتكلم مضاف إليه.

الشّاهد فيه: قوله «فاختر من الصبر والبكى» حيث عدي الفعل، الذي هو قوله اختر إلى مفعولين: أحدهما محذوف يصل إليه الفعل بنفسه، وثانيهما مذكور، وقد وصل الفعل إليه بحرف الجر، وذلك في قوله «فاختر من الصبر والبكى» وتقدير الكلام: اختر من الصبر والبكى أحدهما.

١٩٢ - هذا بيت من المتقارب من كلام عبيد بن الأبرص، وهو بيت مفرد، قاله للنعمان بن المنذر، وكان قد قدم عليه يوم بؤسه، وكان للنعمان يومان: يوم نعيم يعطي فيه كل من وفد عليه