النوع السابع من الأفعال: ما ينصب ثلاثة مفاعيل، وهو سبعة أفعال يجوز حذف المفعولين أو أحدهما لدليل، ويمتنع ذلك لغير دليل
  شُفَعاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكاءُ}(١).
  ومثال حذف أحدهما للدليل وبقاء الآخر قوله تعالى: {وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ}[آل عمران، ١٨٠] أي بخلهم هو خيرا لهم، فحذف المفعول الأول وأبقى ضمير الفصل والمفعول الثاني، وقال عنترة:
  ١٩٦ - ولقد نزلت فلا تظنّي غيره ... مني بمنزلة المحبّ المكرم
  أي: فلا تظني غيره واقعا، أو كائنا، فحذف المفعول الثاني.
  ولا يجوز لك أن تقول «علمت» أو «ظننت» مقتصرا عليه من غير دليل على الأصح، ولا أن تقول «علمت زيدا» ولا «علمت قائما» وتترك المفعول الأول في هذا المثال والمفعول الثاني في الذي قبله من غير دليل عليهما؛ أجمعوا على ذلك.
١٩٦ - هذا بيت من الكامل من كلام عنترة بن شداد العبسي، أحد فرسان العرب وشعرائهم المجيدين في الجاهلية، والبيت من معلقة له مشهورة، وقد أنشده المؤلف في أوضحه (رقم ١٩٢) وابن عقيل (رقم ١٣٤) والأشموني (رقم ٤٣١).
الإعراب: «ولقد» الواو للقسم، والمقسم به محذوف، واللام واقعة في جواب القسم، قد: حرف تحقيق، «نزلت» فعل وفاعل، والجملة لا محل لها جواب القسم، «فلا» ناهية، «تظني» فعل مضارع مجزوم بلا الناهية، وعلامة جزمه حذف النون، وياء المخاطبة فاعله، «غيره» غير: مفعول أول لتظن، وغير مضاف والضمير مضاف إليه، والمفعول الثاني لتظن محذوف، «مني» جار ومجرور متعلق بنزلت، «بمنزلة» جار ومجرور متعلق بنزلت أيضا، ومنزلة مضاف و «المحب» مضاف إليه «المكرم» صفة للمحب.
الشّاهد فيه: قوله «فلا تظني غيره» حيث حذف المفعول الثاني لتظن اختصارا، مع قيام الدليل على ذلك المحذوف، وتقدير الكلام: ولقد نزلت فلا تظني غيره واقعا، وذلك الحذف جائز، خلافا لابن ملكون.
(١) سورة الأنعام، الآية: ٩٤ - وقد تلا المؤلف هذه الآية للاحتجاج على النحاة الذين قدروا المحذوف في قوله تعالى: {أَيْنَ شُرَكاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ} بقولهم: تزعمونهم شركاء، وتلخيص احتجاجه عليهم أن تقديره خير من تقديرهم، لوجهين؛ الوجه الأول: أنهم عدوا «زعم» إلى مفعوليها بنفسها، مع أن الكثير تعدي هذا الفعل إلى مفعوليه بواسطة أن المؤكدة وصلتها، على ما سبق بيانه قريبا (انظر شرح الشاهد رقم ١٨٠). والوجه الثاني: أن القرآن قد جرى أسلوبه على ذلك؛ فالأوفق لنظمه أن يقدر في مكان الحذف ما جرت عادته بذكره في الموطن الملائم.