شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

للاسم ثلاث علامات

صفحة 39 - الجزء 1

  قلت: ذلك ضرورة قبيحة، حتى قال الجرجاني ما معناه: إن استعمال مثل ذلك في النثر خطأ بإجماع، أي: أنه لا يقاس عليه، و «أل» في ذلك اسم موصول بمعنى الذي.

  الثانية: النداء نحو: {يا أَيُّهَا النَّبِيُ}⁣[الأحزاب / ١] {يا نُوحُ اهْبِطْ}⁣[هود / ٤٨] {يا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ}⁣[هود / ٨١] {يا هُودُ ما جِئْتَنا بِبَيِّنَةٍ}⁣[هود / ٥٣] {يا صالِحُ


الشعراء الثلاثة حاضرين، فتغيظ الفرزدق وقال أبياتا منها بيت الشاهد (وانظر آخر ص ٤٠ الآتية).

اللّغة: «الحكم» الذي يحكمه الخصمان ليقضي بينهما ويفصل فيما حدث بينهما من خصومة، «الأصيل» هو ذو الحسب، «الجدل» شدة الخصومة، والقدرة على غلبة الخصم.

المعنى: يقول لمن يهجوه ذامّا له: إنك لست بمن يحكمه الناس ويرضون حكمه، ولا أنت بذي حسب ترجع إليه ويردعك عن الجور، ولا أنت بذي فلج في الخصومة.

الإعراب: «ما» نافية، «أنت» مبتدأ، «بالحكم» الباء حرف جر زائد، الحكم: خبر المبتدأ، مرفوع بضمة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد، «الترضى» أل: اسم موصول نعت للحكم، «ترضى» فعل مضارع مبني للمجهول، «حكومته» حكومة: نائب فاعل ترضى، وحكومة مضاف وضمير الغائب مضاف إليه، «ولا» الواو عاطفة، لا: زائدة لتأكيد النفي، «الأصيل» معطوف على الحكم، «ولا» مثل سابقتها، «ذي» معطوف على الحكم أيضا، وذي مضاف، و «الرأي» مضاف إليه، «والجدل» معطوف بالواو على الرأي، ولم نجعل «ما» حجازية وما بعدها اسمها وخبرها مراعاة للغة الشاعر صاحب البيت؛ لأنه من بني تميم كما قلنا، وبنو تميم تهمل ما، وإنما إعمالها لغة أهل الحجاز.

الشّاهد فيه: أتى المؤلف بهذا البيت ههنا ليعترض على قولهم: إن «أل» دليل على اسمية الكلمة؛ فهي لا تدخل إلا على الأسماء، وهي هنا قد دخلت على الفعل المضارع المبني للمجهول، وحاصل الجواب على هذا الاعتراض أن بيت الفرزدق هذا شاذ لا يقاس عليه، ونحن في تقرير القواعد لا نعني إلا ما كان قياسا مطردا تتكلم به العرب في شعرها ونثرها من غير إنكار؛ فلا يعترض علينا بما استعمله بعض الشعراء لضرورة الشعر أو في النادر القليل، وقد عرفت مما قدمناه أن هذا أحد رأيين في المسألة.

ومثل هذا البيت قول سلامان الطائي:

أخفن اطّناني إن سكتن، وإنّني ... لفي شغل عن ذحلي اليتتبّع

ونظيره قول ذي الخرق الطهوي: