شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

للاسم ثلاث علامات

صفحة 40 - الجزء 1

  ائْتِنا}⁣[الأعراف / ٧٧] {يا شُعَيْبُ أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ}⁣[هود / ٨٧] فكلّ من هذه الألفاظ التي دخلت عليها «يا» اسم وهكذا كل منادى.

  فإن قلت: فما تصنع في قراءة الكسائي «ألّا يا اسجدوا لله» [النمل / ٢٥] فإنه يقف على (ألا يا) ويبتدئ باسجدوا، بالأمر، وقوله تعالى: {يا لَيْتَنا نُرَدُّ}⁣[الأنعام / ٢٧]، وقوله عليه الصلاة والسّلام: «يا ربّ كاسية في الدّنيا عارية يوم القيامة»؛ فدخل حرف النداء فيهنّ على ما ليس باسم⁣(⁣١)؟

  قلت: اختلف في ذلك ونحوه على مذهبين⁣(⁣٢):


يقول الخنى، وأبغض العجم ناطقا ... إلى ربّنا صوت الحمار اليجدّع

وقول ذي الخرق أيضا:

فيستخرج اليربوع من نافقائه ... ومن جحره بالشّيخة اليتقصّع


(١) مثل الآية الأولى في دخول حرف النداء على فعل الأمر أو الدعاء قول الشاعر:

ألا يا اسلمي يا دار ميّ على البلى ... ولا زال منهلّا بجرعائك القطر

ومثل الآية الثانية في دخول حرف النداء على الحرف وهو ليت قول الشاعر:

يا ليتني وأنت يا لميس ... في بلدة ليس بها أنيس

ومثل الحديث في دخول حرف النداء على الحرف وهو رب قول الشاعر:

يا ربّ مثلك في النّساء غريرة ... بيضاء قد متّعتها بطلاق

ونظير هذه الشواهد قول جرير:

يا حبّذا جبل الرّيّان من جبل ... وحبّذا ساكن الرّيّان من كانا

وقول الفرزدق يهجو رجلا من بني عذرة (انظر شرح الشاهد رقم ٢ الماضي).

يا أرغم الله أنفا أنت حامله ... يا ذا الخنى ومقال الزّور والخطل

وقول الآخر:

يا لعنة الله والأقوام كلّهم ... والصّالحين على سمعان من جار

(٢) والراجح الرأي الأول - وهو تقدير المنادى محذوفا - في كل ما وقع فيه حرف النداء قبل فعل الأمر أو جملة الدعاء، بسبب كثرة وقوع النداء قبلهما في فصيح الكلام، نحو قوله تعالى: {يا مُوسى أَقْبِلْ وَلا تَخَفْ} وقوله سبحانه: {يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ} وقوله جل شأنه {يا أَبانَا اسْتَغْفِرْ لَنا} فإذا وجدنا حرف النداء قد وليه =