شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

التنازع

صفحة 432 - الجزء 1

  وإن لم يصحّ وجب تأخيره، نحو: «رغبت ورغب فيّ الزّيدان عنهما».

  وإذا أعمل الأول أضمر في الثاني ما يحتاجه: من مرفوع، ومنصوب، ومجرور، فتقول: «قام وقعدا أخواك» و «قام وضربتهما أخواك» و «قام ومررت بهما أخواك» ولا يجوز حذفه إذا كان مرفوعا باتفاق، ولا إذا كان منصوبا إلا في ضرورة الشعر كقول الشاعر:

  ٢٢٧ - بعكاظ يعشي النّاظري ... ن إذا هم لمحوا شعاعه


أعمل فيه الثاني؛ فرفعه به على الفاعلية، ثم أضمر مع الأول ضميره، وهذا مما لا يجوز إلا في ضرورة الشعر لأن حق هذا الباب إذا أعملت الثاني واحتاج الأول إلى غير مرفوع وأمكن أن تستغني عنه أن تتركه، لأنا لو أتينا بالضمير المنصوب مع العامل الأول لكان هذا الضمير عائدا على متأخر لفظا ومعنى وحكما من غير حاجة، ونحن إنما أضمرنا فيه المرفوع للحاجة إليه، إذ هو فاعل، والفاعل لا يجوز أن يحذف على الراجح عند النحاة، والحاجة تتقدر بقدرها، وهذا واضح إن شاء الله.

٢٢٧ - هذا بيت من الكامل من كلام عاتكة بنت عبد المطلب بن هاشم عمة سيدنا رسول الله ÷، وهو من شواهد المؤلف في أوضحه (رقم ٢٤٤) وابن عقيل (رقم ١٦٢) والأشموني (رقم ٤١٩) وقبل بيت الشاهد قولها:

سائل بنا في قومنا ... وليكف من شرّ سماعه

قيسا وما جمعوا لنا ... في مجمع باق شناعه

اللّغة: «يعشي» فع مضارع من الإعشاء، وهو إصابة العين بضعف البصر ليلا، «لمحوا» نظروا «شعاعه» بضم الشين - وهو ما تراه من الضوء مقبلا عليك كالخيوط.

الإعراب: «بعكاظ» جار ومجرور متعلق بقولها جمعوا في البيت الذي قبل بيت الشاهد، «يعشي» فعل مضارع، «الناظرين» مفعول به ليعشي، «إذا» ظرفية تضمنت معنى الشرط، «هم» فاعل بفعل محذوف يفسره ما بعده، والجملة في محل جر بإضافة إذا إليها، «لمحوا» فعل ماض، وواو الجماعة فاعله، والجملة لا محل لها مفسرة، «شعاعه» شعاع: فاعل يعشي، وشعاع مضاف وضمير الغائب مضاف إليه.

الشّاهد فيه: قولها «يعشي لمحوا شعاعه» حيث تنازع العاملان، وهما قولها يعشي وقولها لمحوا، معمولا واحدا، وهو قولها شعاعه، والأول يطلبه فاعلا، والثاني يطلبه مفعولا، ثم أعملت العامل الأول فيه، وحذفت ضميره من الثاني، وهذا مما لا يجوز إلا في ضرورة الشعر؛ فإن حق هذا الباب