شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

الخامس: عطف النسق

صفحة 451 - الجزء 1

  ثم قلت: الخامس: عطف النّسق، وهو بالواو لمطلق الجمع، وبالفاء للجمع والتّرتيب والتّعقيب، وبثمّ للجمع والتّرتيب والمهلة، وبحتى للجمع والغاية، وبأم المتّصلة وهي: المسبوقة بهمزة التسوية أو بهمزة يطلب بها وبأم التّعيين، وهي في غير ذلك [منقطعة] مختصّة بالجمل ومردافة لبل، وقد تضمّن مع ذلك معنى الهمزة، وبأو بعد الطّلب للتّخيير أو الإباحة، وبعد الخبر للشّكّ أو التّشكيك أو التّقسيم، وببل بعد النّفي أو النّهي لتقرير متلوّها وإثبات نقيضه لتاليها، كلكن، وبعد الإثبات والأمر لنفي حكم ما قبلها لما بعدها، وبلا للنّفي.

  ولا يعطف غالبا على ضمير رفع متّصل ولا يؤكّد بالنّفس أو بالعين إلّا بعد توكيده بمنفصل أو بعد فاصل ما، ولا على ضمير خفض إلّا بإعادة الخافض.

  وأقول: معنى كون الواو لمطلق الجمع: أنها لا تقتضي ترتيبا ولا عكسه، ولا


اللّغة: «لا تقلواها» أراد لا تسوقا هذه الإبل سوقا شديدا يعجزها؛ وتقول: قلا إبله يقلوها «إذا لم يرفق بها» وكان يعنف عليها إذا ساقها، «ادلواها» وتقول: دلا الإبل يدلوها «إذا كان يسوقها سوقا خفيفا لا عنف فيه»، «غدوا» بفتح الغين وسكون الدال - هو الغد، والغد: أصله غدو؛ فحذفت منه الواو لغير علة تصريفية، وهو ما يسمى الحذف اعتباطا، وقد ردها هذا الراجز إلى الأصل كما ردها لبيد بن ربيعة في قوله:

وما النّاس إلّا كالدّيار، وأهلها ... بها يوم حلّوها، وغدوا بلاقع

الإعراب: «لا» ناهية، «تقلواها» تقلوا: فعل مضارع مجزوم بلا الناهية؛ وعلامة جزمه حذف النون، وألف الاثنين فاعل، وضمير الغائبة العائد إلى الإبل مفعول به، «وادلواها» الواو عاطفة، ادلوا: فعل أمر، مبني على حذف النون، وألف الاثنين فاعل، والضمير العائد إلى الإبل أيضا مفعول به، «دلوا» مفعول مطلق، «إن» حرف توكيد ونصب، «مع» ظرف متعلق بمحذوف خبر إن تقدم على اسمه، ومع مضاف و «اليوم» مضاف إليه، «أخاه» أخا: اسم إن، منصوب بالألف نيابة عن الفتحة لأنه من الأسماء الستة، وأخا مضاف وضمير الغائب العائد إلى اليوم مضاف إليه، «غدوا» بدل من قوله أخاه، وبدل المنصوب منصوب، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة.

الشّاهد فيه: قوله «أخاه غدوا» حيث أبدل النكرة، وهي قوله «غدوا» من المعرفة وهي قوله «أخاه» وإنما كان معرفة لأنه اسم مضاف إلى الضمير، وذلك ظاهر بأدنى تأمل.