الخامس: عطف النسق
  معيّة، بل هي صالحة بوضعها لذلك كله؛ فمثال استعمالها في مقام الترتيب قوله تعالى: {وَأَوْحَيْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ}[النساء - ١٦٣] ومثال استعمالها في عكس الترتيب نحو {وَعِيسى وَأَيُّوبَ}[النساء - ١٦٣] {كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ}[الشورى - ٣] {اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ}[البقرة - ٢١] {اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ}[آل عمران، ٤٣]، ومثال استعمالها في المصاحبة نحو {فَأَنْجَيْناهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ}[الشعراء، ١١٩]، ونحو {فَأَخَذْناهُ وَجُنُودَهُ}[القصص - ٤٠] ونحو {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْماعِيلُ}[البقرة - ١٢٧].
  ومثال إفادة الفاء للترتيب والتعقيب، وثمّ للترتيب والمهلة قوله تعالى: {أَماتَهُ فَأَقْبَرَهُ ٢١ ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ}[عبس، ٢١ و ٢٢]، فعطف الإقبار على الإماتة بالفاء، والإنشار على الإقبار بثم، لأن الإقبار يعقب الإماتة، والإنشار يتراخى عن ذلك.
  ومعنى «حتى» للغاية، وغاية الشيء: نهايته، والمراد أنها تعطف ما هو نهاية في الزيادة أو القلّة، والزيادة إما في المقدار الحسي، كقولك: «تصدّق فلان بالأعداد الكثيرة حتى الألوف الكثيرة» أو في المقدار المعنوي، كقولك: «مات النّاس حتى الأنبياء» وكذلك القلة تكون تارة في المقدار الحسي، كقولك: «الله - سبحانه وتعالى - يحصى الأشياء حتى مثاقيل الذّرّ» وتارة في المقدار المعنوي، كقولك: «زارني النّاس حتى الحجّامون».
  و «أم» على قسمين: متصلة، ومنقطعة، وتسمى أيضا منفصلة.
  فالمتصلة هي: المسبوقة إما بهمزة التسوية، وهي: الداخلة على جملة يصح حلول المصدر محلها، نحو {سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ}[البقرة، ٦ ويس، ١٠] ألا ترى أنه يصح أن يقال: سواء عليهم الإنذار وعدمه، أو بهمزة يطلب بها وبأم التعيين، نحو: «أزيد في الدّار أم عمرو» وسميت «أم» في النوعين متصلة لأن ما قبلها وما بعدها لا يستغنى بأحدهما عن الآخر.
  والمنقطعة: ما عدا ذلك، وهي بمعنى بل، وقد تتضمن مع ذلك معنى الهمزة، وقد لا تتضمنه.