شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

تخريج القراءات التي في قوله تعالى «إن هذان لساحران»

صفحة 77 - الجزء 1

  والثاني: أن «إنّ» بمعنى نعم⁣(⁣١) مثلها فيما حكي أن رجلا سأل ابن الزّبير شيئا فلم يعطه، فقال: لعن الله ناقة حملتني إليك، فقال: إنّ وراكبها، أي: نعم ولعن الله


الشاهد إلى بعض أهل اليمن، ولكن أبا زيد لم يرو هذا البيت فيما رواه، وهذا الشاهد بيت من الرجز أو هو بيتان من مشطور الرجز، وقد أنشده الأشموني (رقم ١٦) والمؤلف في كتابه أوضح المسالك (رقم ٩).

الإعراب: «إن» حرف توكيد ونصب، «أباها» أبا: اسم إن، منصوب بفتحة مقدرة على الألف منع من ظهورها التعذر، وأبا مضاف وضمير الغائبة مضاف إليه، «وأبا» الواو عاطفة، أبا: معطوف على اسم إن، وهو مضاف وأبا من «أباها» مضاف إليه مجرور بكسرة مقدرة على الألف منع من ظهورها التعذر، وهو مضاف وضمير الغائبة مضاف إليه، «قد» حرف تحقيق، «بلغا» فعل ماض، وألف الاثنين فاعله، مبني على السكون في محل رفع، «في المجد» جار ومجرور متعلق ببلغ، «غايتا» غايتا: مفعول به، منصوب بفتحة مقدرة على الألف منع من ظهورها التعذر، وغايتا مضاف والضمير مضاف إليه.

الشّاهد فيه: قوله «غايتاها» فإنه مثنى غاية، والمثنى في لغة أكثر العرب ينصب بالياء، وفي لغة من ذكرهم المؤلف ينصب ويرفع ويخفض بحركات مقدرة على الألف، وهذه الكلمة قد وقعت هنا في موضع المنصوب لأنها مفعول به، ولو أنه أجراها على اللغة المشهورة لقال «قد بلغا غايتيها».

والنحاة يروون قبل هذا الشاهد قوله:

واها لريّا ثمّ واها واها ... يا ليت عيناها لنا وفاها

بثمن نرضي به أباها

وفي قوله «يا ليت عيناها» شاهد آخر لمجيء المثنى بالألف في حالة النصب، فإن قوله «عيناها» اسم ليت، وكان من حقه لو جاء به على المشهور من لغات العرب أن يقول: «يا ليت عينيها».

وفي قوله «وأبا أباها» شاهد آخر، هو أن «أباها» مضاف إليه، وهو من الأسماء الستة التي ترفع بالواو وتنصب بالألف وتخفض بالياء في لغة جمهرة العرب؛ فكان حقه أن يقول «أبا أبيها» إلا أن


(١) ومن شواهد ورود «إن» بمعنى نعم قول ابن قيس الرقيات:

بكر العواذل في الصّبو ... ح يلمنني وألومهنّه

ويقلن: شيب قد علا ... ك، وقد كبرت، فقلت: إنّه

فإن هذا الشاعر يريد أن يجيب العواذل بقوله: نعم إني قد علاني الشيب وكبرت سني، ولا أزال على ما كنت عليه في أيام الشباب والفتوة.