شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

يلحق بهذا الجمع ألفاظ

صفحة 85 - الجزء 1

  ثم قلت: وألحق به: أولو، وعالمون، وأرضون، وسنون، وعشرون، وبابهما، وأهلون، وعلّيّون، ونحوه.

  وأقول: ألحق بجمع المذكر السالم ألفاظ: منها أولو، وليس بجمع⁣(⁣١)، وإنما هو اسم جمع لا واحد له من لفظه وإنما له واحد من معناه وهو ذو، ومن شواهده قوله تعالى: {وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبى}⁣[النور - ٢٢].

  (لا) ناهية، (يأتل) فعل مضارع مجزوم بلا الناهية، وعلامة جزمه حذف الياء، وأصله يأتلي، ومعناه يحلف، وهو يفتعل من الأليّة⁣(⁣٢)، وهي اليمين، أو من قولهم: «ما ألوت جهدا» أي ما قصّرت، وعلى الأول فأصل {أَنْ يُؤْتُوا} على أن لا يؤتوا فحذفت على ولا، كما قال الله تعالى: {يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا}⁣[النساء، ١٨٦] أي: لأن لا تضلوا، وعلى الثاني فأصله في أن يؤتوا، فحذفت «في» خاصة، وقرئ (ولا يتألّ) وأصله يتالّى، وهو يتفعّل⁣(⁣٣) من الأليّة، و (أولو) فاعل يأتل، وعلامة رفعه الواو، و (أولي) مفعول بيؤتوا، وعلامة نصبه الياء.

  وقال الله تعالى: {إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ}⁣[الزمر - ٢١] فهذا مثال المجرور وذانك مثالا المرفوع والمنصوب.

  ومنها «عالمون» و «عشرون» وبابه إلى التسعين، فإنها أسماء جموع أيضا لا واحد لها من لفظها.


(١) بين الجمع واسم الجمع اتفاق واختلاف، فيتفقان في كون كل منهما يدل على ثلاثة فصاعدا، ويختلفان في أن الجمع لا بد أن يكون له مفرد من لفظه كرجل ورجال ومحمد ومحمدين، ولا بد أن يكون معنى المفرد هو بعينه معنى الواحد من أفراد الجمع، ولهذا كان العالمون اسم جمع ولم يكن جمعا لأن العالم المفرد اسم لكل ما سوى الله، والعالمين خاص بالعقلاء.

(٢) من استعمال الألية بمعنى اليمين قول الشاعر، وينسب لمجنون ليلى:

عليّ أليّة إن كنت أدري ... أينقص حبّ ليلى أم يزيد

(٣) ومن استعمال تألى بمعنى حلف قول زيد الفوارس:

تألّى ابن أوس حلفة ليردّني ... إلى نسوة كأنهنّ مفايد