شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

الثاني: ما يقدر فيه حركتان، وهو نوعان: المنقوص، والفعل المعتل بالألف.

صفحة 97 - الجزء 1

  وأما الذي تقدّر فيه الحركتان فنوعان:

  أحدهما: ما تقدّر فيه الضمة والكسرة فقط، وتظهر فيه الفتحة⁣(⁣١)، وهو المنقوص، وهو الاسم المعرب الذي آخره ياء لازمة قبلها كسرة، نحو: «القاضي» و «الدّاعي» تقول: «جاء القاضي» و «مررت بالقاضي» بالسكون، و «رأيت القاضي» بالتحريك، وإنما قدرت الضمة والكسرة للاستثقال، وإنما ظهرت الفتحة للخفة، قال الله تعالى: {فَلْيَدْعُ نادِيَهُ}⁣[العلق - ١٧] {أَجِيبُوا داعِيَ اللهِ}⁣[الأحقاف - ٣١] {وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ}⁣[مريم - ٥] {كَلَّا إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ}⁣[القيامة - ٢٦] والتراقي: جمع ترقوة - بفتح التاء - وهي العظم الذي بين ثغرة النحر والعاتق.

  والنوع الثاني: ما تقدر فيه الضمة والفتحة، وهو الفعل المعتل بالألف، تقول: «هو يخشى» و «لن يخشى» فإذا جاء الجزم ظهر بحذف الآخر⁣(⁣٢)؛ فقلت: «لم يخش» قال الله تعالى: {وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا}⁣[القصص - ٧٧].


(١) وربما وقع في ضرورة الشعر عكس الأمرين جميعا، فظهرت الضمة والكسرة على الياء أو الواو، وقدرت الفتحة عليهما.

فمن ظهور الضمة على الياء قول أبي خراش الهذلي:

تراه وقد فات الرّماة كأنّه ... أمام الرّماة مصغي الخدّ أصلم

ومن ظهور الكسرة على الياء قول ابن قيس الرقيات:

لا بارك الله في الغواني هل ... يصبحن إلّا لهنّ مطّلب

وقول الآخر، وهو مما أنشده سيبويه وذكر أنه لأعرابي من بني كلب:

فيوما يجارين الهوى غير ماضي ... ويوما ترى منهنّ غولا تغوّل

ومن تقدير الفتحة على الياء قول رؤبة:

كأنّ أيديهنّ بالقاع القرق ... أيدي جوار يتعاطين الورق

وقول الآخر:

ولو أنّ واش باليمامة داره ... وداري بأعلى حضرموت اهتدى ليا

(٢) وربما بقيت الألف وقدر السكون عليها لضرورة الشعر، ومن ذلك قول عبد يغوث بن وقاص الحارثي وقد أسرته التيم في يوم الكلاب الثاني:

وتضحك منّي شيخة عبشميّة ... كأن لم ترى قبلي أسيرا يمانيا =