باب فى سقطات العلماء
  وترعد؟. فقال له الأعرابىّ: أفى الجخيف تعنى؟ أى التهدد. فقال: نعم. فقال الأعرابىّ: إنك لتبرق لى وترعد. فعدت إلى الأصمعىّ، فأخبرته، فأنشدنى:
  إذا جاوزت من ذات عرق ثنيّة ... فقل لأبى قابوس: ما شئت فارعد(١)
  ثم قال لى: هكذا كلام العرب.
  وقال أبو حاتم أيضا: قرأت على الأصمعىّ زجر العجّاج، حتى وصلت إلى قوله:
  * جأبا ترى بليته مسحّجا*
  فقال: ... تليله (فقلت: بليته. فقال: تليله) مسحّجا، فقلت له: أخبرنى به من سمعه من فلق فى رؤبة، أعنى أبا زيد الأنصارىّ، فقال: هذا لا يكون (فقلت: جعل (مسحّجا) مصدرا أى تسحيجا. فقال: هذا لا يكون). فقلت: قال جرير:
  * ألم تعلم مسرحى القوافى(٢) *
  أى تسريحى، فكأنه توقّف. فقلت: قد قال الله - تعالى -: {وَمَزَّقْناهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ}[سبأ: ١٩]، فأمسك.
  ومن ذلك إنكار أبى حاتم على عمارة بن عقيل جمعه الريح على أرياح. قال: فقلت (له فيه): إنما هى أرواح. فقال: قد قال ø: {وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ}[الحجر: ٢٢] وإنما الأرواح جمع روح. فعلمت بذلك أنه (ممن لا) يجب أن يؤخذ عنه.
  وقال أبو حاتم: كان الأصمعىّ ينكر زوجة؛ ويقول: إنما هى زوج. ويحتجّ
(١) البيت من الطويل، وهو للمتلمس الضبعىّ فى ملحق ديوانه ص ٢٨٠، وسمط اللآلى ص ٣٠١، وفصل المقال ص ٤٤٩، وبلا نسبة فى جمهرة اللغة ص ٣٢٢، والمخصص ١٤/ ٢٢٨، والاشتقاق ص ٤٤٧، وأمالى القالى ١/ ٩٦، والمزهر ٢/ ٣٤٠.
(٢) عجز بيت من الوافر، وهو بلا نسبة فى لسان العرب (صرف)، وتهذيب اللغة ١٢/ ١٦٣، ونسبه محقق تهذيب اللغة لجرير، وصدره:
* قصائد غير مصرفة القوافى*