الخصائص لابن جني،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب ذكر علل العربية أكلامية هى أم فقهية؟

صفحة 131 - الجزء 1

  وعلّة امتناع ذلك عندى أنه قد ثبت أن الألف لا يكون ما قبلها إلا مفتوحا؛ فلو التقت ألفان مدّتان لانتقضت القضية فى ذلك؛ ألا ترى أن الألف الأولى قبل الثانية ساكنة، وإذا كان ما قبل الثانية ساكنا كان ذلك نقضا فى الشرط لا محالة.

  فأمّا قول أبى العباس فى إنشاد سيبويه:

  * دار لسعدى إذه من هواكا⁣(⁣١) *

  إنه خرج من باب الخطأ إلى باب الإحالة؛ لأن الحرف الواحد لا يكون ساكنا متحرّكا فى حال⁣(⁣٢)، فخطأ عندنا. وذلك أن الذى قال: «إذه من هواك» هو الذى يقول فى الوصل: هى قامت، فيسكّن الياء، وهى لغة معروفة، فإذا حذفها فى الوصل اضطرارا واحتاج إلى الوقف ردّها حينئذ فقال: هى، فصار الحرف المبدوء به غير الموقوف عليه، فلم يجب من هذا أن يكون ساكنا متحرّكا فى حال، وإنما كان قوله «إذه» على لغة من أسكن الياء لا على لغة من حرّكها، من قبل أن الحذف ضرب من الإعلال، والإعلال إلى السواكن لضعفها أسبق منه إلى المتحرّكات لقوتها. وعلى هذا قبح قوله:

  لم يك الحقّ سوى أن هاجه ... رسم دار قد تعفّى بالسرر⁣(⁣٣)

  لأنه موضع يتحرّك فيه الحرف فى نحو قولك: لم يكن الحق.


(١) الرجز بلا نسبة فى الإنصاف ص ٦٨٠، وخزانة الأدب ٢/ ٦، ٨/ ١٣٨، ٩/ ٤٨٣، ٥/ ٦٤، والدرر ١/ ١٨٨، ورصف المبانى ص ١٧، وشرح شافية ابن الحاجب ٢/ ٣٤٧، وشرح شواهد الإيضاح ص ٢٨٣، وشرح شواهد الشافية ص ٢٩٠، وشرح المفصل ٣/ ٩٧، والكتاب ١/ ٢٧، ولسان العرب (هيا) وهمع الهوامع ١/ ٦١، وتاج العروس (هوا)، (ها).

(٢) يريد أن بقاء الضمير المنفصل على حرف واحد يعرضه للسكون عند الوقف عليه والتحريك عند البدء به، وهو عرضة للبدء مع الوقف دائما؛ فمن هنا جاءت الاستحالة التى زعمها المبرد. ويردّ ابن جنى على المبرد بأن الوقف يقضى بردّ المحذوف؛ فيكون الوقف عليه وتسكينه، فأمّا الحرف الباقى فلا يعرض له السكون. (نجار).

(٣) البيت من الرمل، وهو لحسين (أو الحسن كما فى لسان العرب) ابن عرفطة فى خزانة الأدب ٩/ ٣٠٤، ٣٠٥، والدرر ٢/ ٩٤، ولسان العرب (كون)، ونوادر أبى زيد ص ٧٧، وبلا نسبة فى تخليص الشواهد ص ٢٦٨، والدرر ٦/ ٢١٧، وسرّ صناعة الإعراب ٢/ ٤٤٠، ٥٤٠، والمنصف ٢/ ٢٢٨، وهمع الهوامع ١/ ١٢٢، ١٥٦. ويروى: تعفت بدلا من: تعفّى.