الخصائص لابن جني،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب فى تخصيص العلل

صفحة 186 - الجزء 1

  (حيوة) علم والأعلام تأتى مخالفة للأجناس فى كثير من الأحكام، وأن (ضيون) إنما صحّ لأنه خرج على الصحّة تنبيها على أن أصل سيّد وميّت: سيود وميوت.

  وكذلك (عوية) خرجت سالمة؛ ليعلم بذلك أن أصل ليّة لوية، وأن أصل طيّة طوية، وليعلم أن هذا الضرب من التركيب وإن قلّ فى الاستعمال، فإنه مراد على كل حال.

  وكذلك أجازوا تصحيح نحو أسيود وجديول، إرادة للتنبيه على أن التحقير والتكسير فى هذا النحو من المثل من قبيل واحد.

  فإن قلت: فقد قالوا فى العلم أسيّد، فأعلّوا كما أعلّوا فى الجنس؛ نحو قوله:

  أسيّد ذو خرّيطة نهارا ... من المتلقّطى قرد القمام⁣(⁣١)

  فعن ذلك أجوبة. منها أن القلب الذى فى أسيّد قد كان سبق إليه وهو جنس كقولك: غليّم أسيّد، ثم نقل إلى العلميّة بعد أن أسرع فيه القلب فبقى بحاله، لا أن القلب إنما وجب فيه بعد العلميّة، وقد كان قبلها - وهو جنس نكرة - صحيحا.

  ويؤنّس بهذا أيضا أن الإعلال فى هذا النحو هو الاختيار فى الأجناس. فلمّا سبق القلب الذى هو أقوى وأقيس القولين سمّى به معلا، فبقى بعد النقل على صورته. ومثل ذلك ما نقوله فى «عيينة» أنه إنما سمّى به مصغّرا فبقى بعد بحاله قبل، ولو كان إنما حقّر بعد أن سمّى به لوجب ترك إلحاق علامة التأنيث به؛ كما أنك لو سمّيت رجلا هندا، ثم حقّرت قلت: هنيد: ولو سمّيته بها محقّرة قبل التسمية لوجب أن تقرّ التاء بحالها، فتقول: هذا هنيدة مقبلا. هذا مذهب الكتاب، وإن كان يونس يقول بضدّه. ومنها أنا لسنا نقول: إن كلّ علم فلا بدّ من صحّة واوه إذا اجتمعت مع الياء ساكنة أولاهما فيلزمنا ما رمت إلزامنا، وإنما قلنا: إذا اجتمعت الياء والواو، وسبقت الأولى منهما بالسكون، ولم يكن الاسم علما،


(١) البيت من الوافر، وهو للفرزدق فى ديوانه ٢/ ٢٩٠، وشرح أبيات سيبويه ١/ ١٨٢، وشرح عمدة الحافظ ص ٤٨٩، والكتاب ١/ ١٨٥، ولسان العرب (قرد). وقبله.

سيأتيهم بوحى القول عنى ... ويدخل رأسه تحت القرام

والقرد، بالتحريك: نفاية الصّوف خاصة، ثم استعمل فيما سواه من الوبر والشعر والكتان. والقمام: الكناسة. وانظر اللسان (قرد).