الخصائص لابن جني،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب فى الرد على من ادعى على العرب عنايتها بالألفاظ

صفحة 247 - الجزء 1

  التضعيف؟ قيل: قد قلنا قبل: إنهم لا يلحقون الزائد من أوّل الكلمة إلا أن يكون معه زائد آخر؛ فلذلك جاز الإلحاق بالهمزة والياء فى ألندد، ويلندد، لمّا انضمّ إلى الهمزة والياء والنون.

  وكذلك ما جاء عنهم من إنقحل⁣(⁣١) - فى قول صاحب الكتاب - ينبغى أن تكون الهمزة فى أوّله للإلحاق - بما اقترن بها من النون - بباب جردحل. ومثله ما رويناه عنهم من قولهم: رجل إنزهو، وامرأة إنزهوة، ورجال إنزهوون، ونساء إنزهوات، إذا كان ذا زهو؛ فهذا إذا انفعل. ولم يحك سيبويه من هذا الوزن إلا إنقحلا وحده؛ وأنشد الأصمعىّ |:

  * لمّا رأتنى خلقا إنقحلا⁣(⁣٢) *

  ويجوز عندى فى إنزهو غير هذا، وهو أن تكون همزته بدلا من عين، فيكون أصله عنزهو: فنعلو، من العزهاة، وهو الذى لا يقرب النساء. والتقاؤهما أن فيه انقباضا وإعراضا، وذلك طرف من أطراف الزهو؛ قال:

  إذا كنت عزهاة عن اللهو والصّبا

  فكن حجرا من يابس الصخر جلمدا⁣(⁣٣)

  وإذا حملته على هذا لحق بباب أوسع من إنقحل، وهو باب قندأو⁣(⁣٤)، وسندأو⁣(⁣٥)، وحنطئو⁣(⁣٦)، وكنتأو⁣(⁣٧).

  فإن قيل: ولم لمّا كان مع الحرف الزائد إذا وقع أوّلا زائد ثان غيره صارا جميعا للإلحاق، وإذا انفرد الأوّل لم يكن له؟ قيل: لما كنّا عليه من غلبة المعانى


(١) رجل إنقحل: يابس الجلد من الكبر والهرم.

(٢) الرجز بلا نسبة فى لسان العرب (قحل)، وجمهرة اللغة ص ٥٥٩، وتاج العروس (قحل).

(٣) البيت من الطويل، وهو للأحوص فى ديوانه ص ٩٨، وطبقات فحول الشعراء ص ٦٦٤، والشعر والشعراء ص ٥٢٦، وبلا نسبة فى لسان العرب (عزه)، وكتاب العين ٦/ ٢٠٦، والمخصص ١٦/ ١٧٥، وأساس البلاغة ص ٣٠١ (عزه) ٣٤٨، (فند)، ٥١٢ (يبس)، وتاج العروس (عزه).

(٤) القندأو: الجرئ. والسندأو: القصير أو الخفيف. الحنطأو: العظيم البطن أو القصير. الكنتأو: الجمل الشديد.