الخصائص لابن جني،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب فى تلاقى المعانى، على اختلاف الأصول والمبانى

صفحة 481 - الجزء 1

  فإن قلت: فإنّ الشاة من قولهم: رجل أشوه، وامرأة شوهاء؛ للقبيحين. وهذا ضدّ الأول؛ ففيه جوابان: أحدهما أن تكون الشاة جرت مجرى القلب لدفع العين عنها لحسها؛ كما يقال فى استحسان الشئ: قاتله الله؛ كقوله:

  رمى الله فى عينى بثينة بالقذى ... وفى الشنب من أنيابها بالقوادح⁣(⁣١)

  وهو كثير. والآخر أن يكون من باب السلب؛ كأنه سلب القبح منها؛ كما قيل للحرم: نالة. ولخشبة الصرار تودية⁣(⁣٢)؛ ولجوّ السماء السّكاك.

  ومنه تحوّب وتأثّم؛ أى ترك الحوب والإثم.

  وهو باب واسع؛ وقد كتبنا منه فى هذا الكتاب ما ستراه بإذن الله تعالى. وأهل اللغة يسمعون هذا فيرونه ساذجا غفلا، ولا يحسنون لما نحن فيه من حديثه فرعا ولا أصلا.

  ومن ذلك قولهم: الفضّة؛ سمّيت بذلك لانفضاض أجزائها، وتفرّقها فى تراب معدنها، كذا أصلها وإن كانت فيما بعد قد تصفّى وتهدّب وتسبك. وقيل لها فضّة، كما قيل لها لجين. وذلك لأنها ما دامت فى تراب معدنها فهى ملتزقة (فى التراب) متلجّنة به؛ قال الشمّاخ:

  وماء قد وردت أميم طام ... عليه الطير كالورق اللجين⁣(⁣٣)


(١) البيت من الطويل، وهو لجميل بثينة فى ديوانه ص ٥٣، والأغانى ٨/ ١٠٤، وأمالى المرتضى ٢/ ١٥٧، وخزانة الأدب ٥/ ٢١٧، ٢١٩، ٦/ ٣٩٨، ٤٠٠، ٤٠٣، وسمط اللآلى ص ٧٣٦، ولسان العرب (نيب)، (قدح)، (عين)، وبلا نسبة فى جمهرة اللغة ص ٥٠٤. الشنب: جمع أشنب؛ من الشنب وهو رقة الأسنان وعذوبتها. والقوادح جمع القادح، وهو السواد يظهر فى الأسنان.

(٢) هى خشبة تشد على أطباء الناقة لئلا يرضعها الفصيل. وكأنه يريد من بنائها على السلب أن الغرض من التودية منع الودى، وهو السيلان يقال ودى: سال، أى أن التودية تحول دون ودى اللبن.

(٣) البيت من الوافر، وهو للشماخ، فى ديوانه ص ٣٢٠، ولسان العرب (لجن)، وتهذيب اللغة ١١/ ٨٠، والمخصص ١٠/ ٢٢٤، وأساس البلاغة (لجن)، وتاج العروس (لجن)، وبلا نسبة فى جمهرة اللغة ص ٤٩٢، ومجمل اللغة ٤/ ٢٦٧، ومقاييس اللغة ٥/ ٢٣٥، وديوان الأدب ١/ ٤٢٤.