باب فى زيادة الحرف عوضا من آخر محذوف
  ذلك؛ ألا تراها تجرى مثنّاة ومجموعة أوصافا على المعارف كما تجرى عليها مفردة. وذلك قولك مررت بالزيدين هذين، وجاءنى أخواك اللذان فى الدار. وكذلك قد توصف هى أيضا بالمعارف؛ نحو قولك: جاءنى ذانك الغلامان، ورأيت اللذين فى الدار الظريفين. وكذلك أيضا تجدها فى التثنية والجمع تعمل من نصب الحال ما كانت تعمله مفردة. وذلك نحو قولك: هذان قائمين الزيدان، وهؤلاء منطلقين إخوتك. وقد تقصينا القول فى ذلك فى كتابنا «فى سرّ الصناعة».
  وقريب من هذان واللذان قولهم: هيهات مصروفة (وغير مصروفة) وذلك أنها جمع هيهاة، وهيهاة عندنا رباعية مكررة(١)، فاؤها ولامها الأولى هاء، وعينها ولامها الثانية ياء فهى - لذلك - من باب صيصية(٢). وعكسها باب يليل(٣) ويهياه(٤)؛ قال ذو الرمّة:
  تلوّم يهياه بياه وقد مضى ... من الليل جوز واسبطرّت كواكبه(٥)
  وقال كثيّر:
  وكيف ينال الحاجبيّة آلف ... بيليل ممساه وقد جاوزت رقدا(٦)
  فهيهات من مضعّف الياء بمنزلة المرمرة والقرقرة.
  فكان قياسها إذا جمعت أن تقلب اللام ياء، فيقال هيهيات كشوشيات(٧)
(١) فأصلها هيهية، فقلبت الياء الأخيرة ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها.
(٢) هى قرن الحيوان، وتطلق على الصحن ونحوه.
(٣) يليل: هو وادى ينبع.
(٤) يهياه: هو صوت الاستجابة، ويدعو الرجل صاحبه فيقول: ياه أى أقبل واستجب، فيقول صاحبه: يهياه أى استجبت واستمعت.
(٥) البيت من الطويل، وهو لذى الرمة فى ديوانه ص ٨٥١، ولسان العرب (جوش)، (يهيه)، وتهذيب اللغة ٦/ ٤٨٧، وأساس البلاغة ص ٢٠١، (سبط) وتاج العروس (يهيه)، وكتاب العين ٤/ ١٠٦. ويروى: وقد بدا بدلا من: وقد مضى. الجوز: الوسط. واسبطرت: أى امتدّت للمغيب.
(٦) الحاجبيّة: عزة محبوبته. وهذه النسبة إلى جدها الأعلى حاجب بن غفار من كنانة. انظر الخزانة ٢/ ٣٨١.
(٧) جمع شوشاة. يقال: ناقة شوشاة أى سريعة، وامرأة شوشاة: كثيرة الحديث.