الخصائص لابن جني،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

مقدمة المؤلف

صفحة 65 - الجزء 1

  (الخامس) «ل و ق» جاء فى الحديث «لا آكل من الطعام إلا ما لوّق لى»⁣(⁣١) أى ما خدم وأعملت اليد فى تحريكه، وتلبيقه⁣(⁣٢)، حتى يطمئن وتتضامّ جهاته. ومنه اللّوقة للزبدة، وذلك لخفّتها وإسراع حركتها، وأنها ليست لها مسكة الجبن، وثقل المصل ونحوهما. وتوهم قوم أن الألوقة - لما كانت هى اللوقة فى المعنى، وتقاربت حروفهما - من لفظها⁣(⁣٣)، وذلك باطل؛ لأنه لو كانت من هذا اللفظ لوجب تصحيح عينها؛ إذ كانت الزيادة فى أوّلها من زيادة الفعل، والمثال مثاله، فكان يجب على هذا أن تكون ألوقة كما قالوا فى أثوب وأسوق وأعين وأنيب بالصحة، ليفرق بذلك بين الاسم والفعل، وهذا واضح⁣(⁣٤). وإنما الألوقة فعولة من تألق البرق إذا لمع وبرق واضطرب، وذلك لبريق الزبدة واضطرابها.

  (السادس) «ل ق و» منه اللّقوة للعقاب، قيل لها ذلك لخفّتها وسرعة طيرانها؛ قال:

  كأنى بفتخاء الجناحين لقوة ... دفوف من العقبان طأطأت شملال⁣(⁣٥)


(١) الحديث ذكره أبو عبيد فى «غريب الحديث»، (٢/ ٢٤٥)، عن عبادة من قوله، وفيه: «ألا ترون أنى لا أقوم إلا رفدا، ولا آكل إلا ما لوق لى ...».

(٢) لبّق الزبد: إذا خلطه بالسمن ولينه: (نجار).

(٣) «من لفظها»: خبر «أنّ»، يعنى: أن الألوقة: من لفظ اللوقة.

(٤) يعنى: ليفرق بذلك بين الاسم بتصحيح عينه، والفعل بإعلال عينه.

(٥) البيت من الطويل، وهو لامرئ القيس فى ديوانه ص ٣٨، ولسان العرب (دفف) (شمل)، وتهذيب اللغة ٧/ ٣٠٨، ١١/ ٣٧٢، وجمهرة اللغة ص ٢٢٧، وتاج العروس (دفف)، وكتاب الجيم ٣/ ٢١٨، وبلا نسبة فى لسان العرب (فتخ)، وتاج العروس (فتخ)، والمخصص ٧/ ١٢٥.

والبيت من قصيدته اللامية التى مطلعها:

ألا عم صباحا أيها الطلل البالى ... وهل يعمن من كان فى العصر الخالى

ويروى:

............................ ... صيود من العقبان طأطأت شملال

وفتخاء الجناحين: لينتهما واللقوة: السريعة من العقبان، ودفوف: أى: تدنو من الأرض فى طيرانها، ومعنى: طأطأت: دانيت وخفّضت، الشملال: الخفيفة السريعة، يقول: كأنى - بطأطأتى هذه الفرس - طأطأت عقابا ليّنة الجناحين منتفختهما عند الطيران فى سهولة وتأنّ. ديوان امرئ القيس (ص ٣٨).