فصل فى التقديم والتأخير
  ففصل بين حرف الجرّ ومجروره بالظرف الذى هو (منها) وليس كذلك حرف العطف فى قوله:
  * ... ويوما أديمها نغلا*
  لأنه عطف على الناصب الذى هو (ترى) فكأنّ الواو أيضا ناصبة، والفصل بين الناصب ومنصوبه ليس كالفصل بين الجارّ ومجروره.
  وليس كذلك قوله:
  فصلقنا فى مراد صلقه ... وصداء ألحقتهم بالثلل(١)
  (فليس منه) لأنه لم يفصل بين حرف العطف وما عطفه، وإنما فيه الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه بالمصدر الذى هو (صلقة) وفيه أيضا الفصل بين الموصوف الذى هو (صلقة) وصفته التى هى قوله (ألحقتهم بالثلل) بالمعطوف والحرف العاطفة أعنى قوله: وصداء، وقد جاء مثله؛ أنشدنا:
  أمرّت من الكتّان خيطا وأرسلت ... رسولا إلى أخرى جريا يعينها(٢)
  أراد: وأرسلت إلى أخرى رسولا جريّا.
  والأحسن عندى فى يعقوب من قوله - عزّ اسمه -: {وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ}[هود: ٧١] فيمن فتح أن يكون فى موضع نصب بفعل مضمر دلّ عليه قوله {فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ}[هود: ٧١] أى وآتيناها يعقوب. فإذا فعلت ذلك لم يكن فيه فصل بين الجارّ والمجرور. فاعرفه.
  فأمّا قوله:
(١) البيت من الرمل، وهو للبيد فى ديوانه ص ١٩٣، ولسان العرب (صدأ)، (صلق)، (ثلل)، وتهذيب اللغة ٨/ ٣٧٠، ١٥/ ٦٥، وجمهرة اللغة ص ٨٤، ومقاييس اللغة ١/ ٣١٩، ٣/ ٣٠٦، وديوان الأدب ٢/ ١٧٦، وتاج العروس (ثلل)، ومجمل اللغة ٣/ ٢٣٩، وكتاب العين ٥/ ٦٣، ٨/ ٢١٦، وبلا نسبة فى جمهرة اللغة ص ٨٩٤. صلق بنى فلان وفى بنى فلان: أوقع بهم وقعة منكرة. ومراد وصداء: قبيلتان والثلل: الهلاك.
(٢) البيت من الطويل، وهو بلا نسبة فى المحتسب ٢/ ٢٥٠، والمقرب ١/ ٢٢٨.