الخصائص لابن جني،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

ذكر الأمثلة الفائتة للكتاب

صفحة 411 - الجزء 2

  واقوهدّ، وهو افوعلّ (ونحوه) قول الهذلىّ:

  فشائع وسط ذودك مقبئنّا ... لتحسب سيّدا ضبعا تبول⁣(⁣١)

  مقبئنّا: منتصبا. فهذا مفعللّ كما ترى. وشبّه هذا المجوّز لأن يكون مهوأنّ بمنزلة مطمأنّ الواو فيه بالواو فى غوغاء وضوضاء؛ وليس هذا من خطأ أهل الصناعة؛ لأن غوغاء وضوضاء من ذوات تضعيف الواو، بمنزلة ضوضيت وقوقيت. وقد يجوز من وجه آخر أن يكون واو مهوأنّ أصلا ... وذلك بأن يكون سيبويه قد سأل جماعة من الفصحاء عن تحقير مهوأنّ على الترخيم، فحذفوا الميم وإحدى النونين ولم يحذفوا الواو البتّة، مع حذفهم واو كوثر على الترخيم (فى قولهم): كثير، وحذفهم واو جدول، وقولهم: جديل، وامتنعوا من حذف واو مهوأنّ، فقطع سيبويه بأنها أصل فلم يذكره. وإذا كان هذا جائزا، وعلى مذهب إحسان الظنّ به سائغا، كان فيه نصرة له و (تجميل لأثره) فاعرفه؛ فتكون الواو مثلها فى ورنتل. وكذلك يمكن أن يحتجّ بنحو هذا فى فرانس وكنادر⁣(⁣٢)؛ فتكون النون فيهما أصلا.

  وأما عياهم⁣(⁣٣) فحاكيه صاحب العين، وهو مجهول. وذاكرت أبا علىّ | يوما بهذا الكتاب فأساء نثاه⁣(⁣٤). فقلت له: إن تصنيفه أصحّ وأمثل من تصنيف الجمهرة، فقال: الساعة لو صنّف إنسان لغة بالتركيّة تصنيفا جيّدا (أكانت) تعتدّ عربيّة لجودة تصنيفها؟ أو كلاما هذا نحوه. وعلى أن صاحب العين أيضا إنما قال فيها: وقال بعضهم: عياهمة، وعياهم؛ كعذافرة وعذافر. فإن صحّ فهو فياعل، ملحق بعذافر. وقلت فيه لأبى على: يجوز أن تكون العين فيه بدلا من همزة؛ كأنه إياهم كأباتر وأحامر، فقبل ذلك.


(١) البيت من الوافر، وهو للأعلم الهذلى فى شرح أشعار الهذليين ١/ ٣٢٢، ولسان العرب (قنن)، وبلا نسبة فى الدرر ٣/ ٢٥، وهمع الهوامع ١/ ١٧٤. ويروى: مستقنا بدلا من مقبئنّا. الشّياع، بالكسر: الدّعاء بالإبل لتنساق وتجتمع.

(٢) الكنادر: الغليظ القصير مع شدّة.

(٣) يقال: جمل عيهم وعيهام وعياهم: ماض سريع.

(٤) أساء نثاه: أساء وصفه وذكره.