حاشية الدسوقي على مختصر المعاني،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

[المجاز المركب]

صفحة 386 - الجزء 3

  (للمبالغة) فى التشبيه (كما يقال للمتردد فى أمر إنى أراك تقدم رجلا وتؤخر أخرى) ...


  بقوله: تشبيه التمثيل، قلت: الشارح لم يلتفت لتلك الصفة لكونها محذوفة من التعريف، وإنما يحترز بالفصول المصرح بها ولو التفت لتلك الصفة لجعل المجاز المفرد خارجا بها، وكان قوله: تشبيه التمثيل بيانا للماهية لا للاحتراز عن شئ كما هو الأصل فى القيود المذكورة فى التعاريف، وعلم مما ذكر أن تشبيه التمثيل عبارة عن التشبيه الذى وجهه منتزع من أمور متعددة، سواء كان الطرفان مركبين أو مفردين، وأما اللفظ المستعمل فيما شبه بمعناه الأصلى تشبيه التمثيل المسمى بالمجاز المركب وبالاستعارة التمثيلية لا بد فيه من كونه مركبا، كما أن وجه الشبه لا بد فيه من كونه مركبا، ثم المراد بالتركيب المعتبر فى المجاز المركب أى تركيب كان ولا يشترط خصوص الإسنادى ولا غيره، ثم هل يشترط التصريح بتمام اللفظ المركب، أو يكفى الاقتصار على بعضه؟ خلاف بين الشارح والعلامة السيد، فالسيد يقول: لا بد فى المجاز المركب من التصريح بتمام المركب الدالّ على الصورة المشبه بها، والشارح يقول: يكفى التصريح ببعضه (قوله: للمبالغة فى التشبيه) علّة لقوله: المستعمل فيما شبه إلخ أى: وإنما استعمل اللفظ المركب فيما شبه بمعناه لأجل المبالغة فى التشبيه، وأشار المصنف بهذا إلى اتحاد الغاية فى الاستعارة فى المفرد والمركب، وحاصل المجاز المركب أن يشبه إحدى الصورتين المنتزعتين من متعدد بالأخرى، ثم يدعى أن الصورة المشبهة من جنس الصورة المشبه بها فيطلق على هذه الصورة المشبهة اللفظ الدال بالمطابقة على الصورة المشبه بها.

  (قوله: كما يقال) أى: كالقول الذى يقال، (وقوله: للمتردد فى أمر) أى: فى فعل أمر وعدم فعله بأن يتوجه إليه بالعزم تارة، ويتوجه للإحجام عنه بالعزم تارة أخرى، (وقوله: إنى إلخ) بيان لما وليس مقول القول - تأمل.

  (قوله: إنى أراك تقدم رجلا) أى: تارة (وقوله: وتؤخر) مفعوله محذوف أى: وتؤخرها يعنى تلك الرجل المتقدمة، (وقوله: أخرى) نعت لمرة، والتقدير: إنى أراك تقدم رجلا مرة وتؤخرها مرة أخرى، وإنما لم يجعل أخرى نعتا لرجل أى: وتؤخر رجلا أخرى،