للقطع بأن المقصود هاهنا سؤال أهل القرية، وإن جعلت القرية مجازا عن أهلها

  علة لمحذوف أى: وإنما لم يجعل على ظاهره للقطع باستحالة المجئ على الله تعالى؛ وذلك لأن المجئ عبارة عن الانتقال من حيز إلى آخر بالرجل وهو مخصوص بالجسم الحى الذى له رجل، ومطلق الجوهرية مستحيلة على الله تعالى فضلا عن الجسمية المخصوصة، فإذا لم يحمل هذا الكلام على ظاهره لاستحالته وجب حمله على وجه يصح، فقدر المضاف وهو الأمر ليصح هذا الكلام الصادق، والقرينة على ذلك المقدر الامتناع العقلى، فإن قلت كما يستحيل المجئ على الرب يستحيل أيضا مجئ أمره، لأن المراد بأمره حكمه المحكى عنه وهو معنى من المعانى، وقد علمت أن المجئ مخصوص بالجسم الحى قلت: الأمر وإن كان المجئ محالا عليه أيضا، إلا أنه يصح إسناد المجئ إليه مجازا ليكون كناية عن بلوغه للمخاطبين، فيقال على وجه الكثرة، جاء أمر السلطان إلينا أى: بلغنا وإن كان الجائى فى الحقيقية حامله، وهذا الإسناد كثير حتى قيل: إنه حقيقة عرفية بخلاف إسناد المجئ إليه تعالى، فإنه لا يصح حقيقة ولا مجازا لاستحالة بلوغه إلينا فوجب أن يكون الكلام بتقدير المضاف ليصح الكلام ولو بالتجوز فى المقدر أيضا كذا قال بعضهم، وأورد عليه أن امتناع وجه من التجوز وهو كون الإسناد إليه تعالى كناية عن البلوغ لا يقتضى امتناع تجوز آخر فلا يتعين الإضمار، إذ يمكن أن يقال: أسند المجئ إليه تعالى لكونه آمرا بالأمر وبإبلاغه فهو كالإسناد إلى السبب الآمر فيكون من المجاز العقلى، وعليه فيخرج الكلام عما نحن بصدده اه يعقوبى⁣^(⁣١).

  (قوله: للقطع إلخ) أى: وإنما حمل على تقدير المضاف للقطع بأن المقصود من الآية سؤال أهل القرية لا سؤالها نفسها؛ لأن القرية عبارة عن الأبنية المجتمعة وسؤالها وإجابتها خرق للعادة، وإن كان ممكنا لكن ليس مرادا فى الآية، بل المراد فيها سؤال أهلها للاستشهاد بهم فيجيبوا بما يصدق أو يكذب؛ لا سؤالها؛ لأن الشاهد لا يكون جمادا

(١) والذى عليه أهل السنة والجماعة فى هذا الأمر أن المجئ على حقيقته لكنه تعالى يجئ مجيئا يليق بجلاله وكماله، بلا تعطيل ولا تكييف.