ذكر الخبر عن غزاة بدر
  قضي الحبّ بيننا فالتقينا ... وكلانا إلى اللَّقاء مشوق
  الشعر في البيت الأوّل والثالث لعمر بن أبي ربيعة، والبيت الثاني ليس له، ولكن هكذا غنّي؛ وليس هو أيضا مشاكلا لحكاية ما في البيت الثالث. والغناء لبابويه(١) الكوفيّ، خفيف ثقيل أوّل. وهذا الشعر يقوله عمر بن أبي ربيعة في امرأة من قريش، يقال لها نعم، كان كثير الذّكر لها في شعره. أخبرني بذلك محمد بن خلف بن المرزبان عن أبي عبد اللَّه التّميميّ عن القحذميّ والمدائنيّ. قال: وهي التي يقول فيها:
  أمن آل نعم أنت غاد فمبكر
  / قال: وكانت تكنى أمّ بكر، وهي من بني جمح. وتمام هذه الأبيات على ما حكاه ابن المرزبان عمّن ذكرت:
  فالتقينا ولم نخف ما لقينا ... ليلة الخيف، والمنى قد تشوق(٢)
  وجرى بيننا فجدد وصلا ... قلَّب(٣) حوّل أريب رفيق
  لا تظنّي أنّ التّراسل والبد ... ل لكلّ النساء عندي يليق
  هل لك اليوم إن نأت أمّ بكر ... وتولَّت إلى عزاء طريق
  أخبرني محمد بن خلف بن المرزبان قال حدّثت عن محمد بن حميد عن عبد اللَّه بن سوّار القاضي عن بشر بن المفضّل قال:
  بلغ عمر بن أبي ربيعة أنّ نعما اغتسلت في غدير، فأتاه فأقام عليه، وما زال يشرب منه حتى جفّ.
  أخبرني محمد بن خلف قال: قال محمد بن حبيب الراوية:
  بلغني أنّ نعما استقبلت عمر بن أبي ربيعة في المسجد الحرام، وفي يدها خلوق(٤) من خلوق المسجد، فمسحت به ثوبه، ومضت وهي تضحك؛ فقال عمر:
  أدخل اللَّه ربّ موسى وعيسى ... جنّة الخلد من ملاني خلوقا
  مسحته من كفّها في قميصي ... حين طافت بالبيت مسحا رفيقا
  غضبت أن نظرت نحو نساء ... ليس يعرفنني سلكن طريقا
  وأرى بينها وبين نساء ... كنت أهذي بهنّ بونا سحيقا
  وهذا البيت الأوّل مما عيب على عمر.
  / ومما غنّي فيه من تشبيب عمر بنعم هذه:
(١) في الأصول: «لباتويه» بالتاء المثناة، وهو تصحيف.
(٢) كذا في أكثر الأصول. وفي م وجميع نسخ «ديوانه»: «تسوق» بالسين المهملة.
(٣) القلَّب الحوّل: المحتال البصير بتقليب الأمور.
(٤) الخلوق: ضرب من الطيب مائع فيه صفرة؛ لأن أعظم أجزائه من الزعفران.