ذكر الأحوص وأخباره ونسبه
  فابعث معنا نفرا من أصحابك، يفقّهونا(١) في الدّين، ويقرئونا(١) القرآن، ويعلَّمونا(١) شرائع الإسلام؛ فبعث رسول اللَّه ﷺ معهم نفرا ستّة(٢) من أصحابه: مرثد بن أبي مرثد الغنويّ حليف حمزة بن عبد المطَّلب، وخالد بن البكير حليف بني عديّ بن كعب، وعاصم بن ثابت بن أبي الأقلح أخا بني عمرو بن عوف، وخبيب بن عديّ أخا بني جحجبى بن كلفة بن عمرو بن عوف، وزيد بن الدّثنّة(٣) أخا بني بياضة بن عامر، وعبد اللَّه بن طارق حليفا(٤) لبني ظفر من بليّ، وأمّر رسول اللَّه ﷺ [عليهم](٥) مرثد بن أبي مرثد، / فخرجوا مع القوم، حتّى إذا كانوا على الرّجيع (ماء لهذيل(٦) بناحية من الحجاز من صدر(٧) الهدأة) غدروا بهم، واستصرخوا عليهم هذيلا، فلم يرع القوم وهم في رحالهم إلَّا بالرّجال في أيديهم السيوف قد غشوهم؛ فأخذوا أسيافهم ليقاتلوا القوم؛ فقالوا: [إنّا](٨) واللَّه ما نريد قتلكم، ولكنّا نريد أن نصيب بكم شيئا من أهل مكَّة، ولكم عهد اللَّه وميثاقه ألَّا نقتلكم. فأمّا مرثد بن أبي مرثد، وخالد بن البكير، وعاصم بن ثابت بن أبي الأقلح فقالوا: إنّا واللَّه لا نقبل من مشرك عهدا ولا عقدا أبدا! فقاتلوهم حتّى قتلوهم جميعا. وأمّا زيد بن الدّثنّة، وخبيب بن عديّ، وعبد اللَّه بن طارق فلانوا ورقّوا ورغبوا في الحياة وأعطوا بأيديهم(٩)؛ فأسروهم، ثم خرجوا بهم إلى مكَّة ليبيعوهم بها؛ حتّى إذا كانوا بالظَّهران(١٠) انتزع عبد اللَّه بن طارق يده من القرآن(١١)، ثم أخذ سيفه واستأخر عن القوم، فرموه بالحجارة حتى قتلوه، فقبره(١٢) بالظَّهران. وأمّا خبيب بن عديّ وزيد بن الدّثنّة، فقدموا بهما مكَّة فباعوهما. فابتاع خبيبا حجير بن أبي إهاب التّميميّ حليف بني نوفل لعقبة بن الحارث بن عامر بن نوفل - وكان حجير أخا الحارث بن عامر بن نوفل لأمّه - ليقتله بأبيه(١٣). وأمّا زيد بن الدّثنّة فابتاعه صفوان / بن أميّة ليقتله بأميّة بن خلف أبيه. وقد كانت هذيل حين قتل عاصم بن ثابت قد أرادوا رأسه
() المبرد عنهما فقال: «هذان حيان كانا في نهاية العداوة لرسول اللَّه ﷺ». (راجع «الكامل» ص ٦٣٢ طبع أوروبا).
(١) كذا في ح بحذف النون مجزوما في جواب الطلب. وفي سائر الأصول بإثبات نون الرفع، على أن تكون الجملة صفة لنفر.
(٢) وردت هذه الأسماء مضطربة في بعض الأصول. وما أثبتناه عن ط، ب. وهو الموافق لما في الطبري (قسم أول ص ١٤٣٢ طبع أوروبا) و «السيرة» لابن هشام (ص ٦٣٨ طبع أوروبا). وقد ذكرت هذه الأسماء في «نهاية الأرب» (ج ٣ ص ٣٧٥ طبعة أولى) و «شرح القاموس» (مادة رجع) كما هنا بزيادة سابع هو معتب بن عبيد أخو عبد اللَّه بن طارق لأمه. إلا أنه ذكر بدل معتب بن عبيد هذا في «شرح القاموس» «مغيث بن عبيدة» وهو تحريف.
(٣) الدثنة: بفتح الدال المهملة وكسر الثاء المثلثة والنون المفتوحة المشدّدة ثم تاء تأنيث، قال ابن دريد: من قولهم: دثن الطائر إذا طاف حول وكره ولم يسقط عليه. (انظر «الاشتقاق» ص ٢٧٢ و «شرح الزرقاني على المواهب اللدنية» ج ٢ ص ٨٠ طبع بلاق).
(٤) كذا في ح، م. وهو الموافق لما في الطبري و «السيرة» وفي سائر الأصول: «حلفاء» وهو تحريف.
(٥) زيادة عن م.
(٦) في «معجم ما استعجم» للبكري: «ماء لهذيل لبني لحيان منهم بين مكة وعسفان بناحية الحجاز ... إلخ».
(٧) كذا في «معجم ما استعجم» للبكري نقلا عن ابن إسحاق. وضبط البكري «الهدأة» بالعبارة فقال: «بفتح الهاء وإسكان الدال المهملة بعدها همزة مفتوحة». وفي جميع الأصول: «الهدّة» بدون همز. وفي «السيرة» و «تاريخ الطبري»: «صدور الهدأة». وفي س، ح:
«حدود» بالدال المهملة، وهو تحريف. والهدأة: موضع بين عسفان ومكة.
(٨) زيادة عنء، ط، م.
(٩) أعطوا بأيديهم: انقادوا.
(١٠) الظهران: واد بين مكة وعسفان.
(١١) القران: الحبل.
(١٢) في ط، ء: «فقبروه».
(١٣) كذا في: ح: م، وهو الموافق لما في «السيرة» والطبري. وفي سائر الأصول: «بابنه» وهو تحريف؛ لأن الذي قتله خبيب يوم بدر هو الحارث بن عامر بن نوفل والد عقبة، كما يجيء بعد في حديث أبي كريب.