كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر طريح وأخباره ونسبه

صفحة 467 - الجزء 4

  كنيته:

  ويكنى طريح أبا الصّلت؛ كني بذلك لابن كان له اسمه صلت. وله يقول:

  /

  يا صلت إنّ أباك رهن منيّة ... مكتوبة لا بدّ أن يلقاها

  سلفت سوالفها⁣(⁣١) بأنفس من مضى ... وكذاك يتبع باقيا أخراها

  والدّهر يوشك أن يفرّق ريبه⁣(⁣٢) ... بالموت أو رحل تشتّ⁣(⁣٣) نواها

  لا بدّ بينكما⁣(⁣٤) فتسمع دعوة ... أو تستجيب لدعوة تدعاها

  طرح ابنه الصلت إلى أخواله بعد موت أمه:

  وأخبرني يحيى بن عليّ بن يحيى إجازة قال أخبرني أبو الحسن الكاتب: أنّ أمّ الصّلت بن طريح ماتت وهو صغير، فطرحه طريح إلى أخواله بعد موت أمّه. وفيه يقول:

  بات الخيال من الصّليت مؤرّقي ... يفري⁣(⁣٥) السّراة مع الرّباب الملثق⁣(⁣٦)

  ما راعني إلَّا بياض وجيهه ... تحت الدّجنّة⁣(⁣٧) كالسّراج المشرق

  نشأ في دولة بني أمية وأدرك دولة بني العباس وكان مدّاحا للوليد بن يزيد وغضب عليه ثم رضي عنه:

  ونشأ طريح في دولة بني أميّة، واستفرغ شعره في الوليد بن يزيد، وأدرك دولة بني العباس، ومات في أيام المهديّ⁣(⁣٨)؛ وكان الوليد له مكرما مقدّما؛ لانقطاعه إليه ولخؤولته في⁣(⁣٩) ثقيف.

  فأخبرني محمد بن خلف وكيع قال حدّثني هارون بن محمد بن عبد الملك الزيّات قال حدّثني أحمد بن حمّاد⁣(⁣١٠) بن الجميل عن العتبيّ عن سهم بن عبد الحميد قال أخبرني طريح بن إسماعيل الثّقفيّ قال:

  / خصصت بالوليد بن يزيد حتى صرت أخلو معه. فقلت له ذات يوم وأنا معه في مشربة⁣(⁣١١):

  يا أمير المؤمنين، خالك يحبّ أن تعلم شيئا من خلقه. قال: وما هو؟ قلت: لم أشرب شرابا قطَّ ممزوجا إلَّا من لبن أو عسل. قال: قد عرفت ذاك ولم يباعدك من قلبي. قال: ودخلت يوما إليه وعنده الأمويّون، فقال لي: إليّ يا خالي، وأقعدني إلى جانبه، ثم أتي بشراب فشرب، ثم ناولني القدح؛ فقلت: يا أمير المؤمنين قد أعلمتك رأيي


(١) فيء، ط: «سوابقها».

(٢) في م: «يفرق بينهم».

(٣) كذا فيء، ط، م. وفي سائر النسخ: «تشب» بالباء الموحدة، وهو تصحيف.

(٤) كذا في الأصول!

(٥) كذا في م. وفي سائر النسخ: «يقري» بالقاف.

(٦) الملثق: البالّ؛ يقال: لثق الطائر إذا ابتلّ ريشه، وألثقه غيره إذا بلَّه.

(٧) الدجنة: الظلام.

(٨) فيء، ط، م: «في أيام الهادي».

(٩) في ب، س: «من».

(١٠) في ط: «أحمد بن محمد بن الجميل». وفيء: «أحمد بن محمد الجميل» وفي م: «أحمد بن حماد بن عبد الحميد».

(١١) المشربة (بضم الراء وفتحها): الغرفة. وفيء، ط: «ونحن في مشرقة» والمشرقة (مثلثة الراء): موضع القعود في الشمس بالشتاء.