ذكر طريح وأخباره ونسبه
  كنيته:
  ويكنى طريح أبا الصّلت؛ كني بذلك لابن كان له اسمه صلت. وله يقول:
  /
  يا صلت إنّ أباك رهن منيّة ... مكتوبة لا بدّ أن يلقاها
  سلفت سوالفها(١) بأنفس من مضى ... وكذاك يتبع باقيا أخراها
  والدّهر يوشك أن يفرّق ريبه(٢) ... بالموت أو رحل تشتّ(٣) نواها
  لا بدّ بينكما(٤) فتسمع دعوة ... أو تستجيب لدعوة تدعاها
  طرح ابنه الصلت إلى أخواله بعد موت أمه:
  وأخبرني يحيى بن عليّ بن يحيى إجازة قال أخبرني أبو الحسن الكاتب: أنّ أمّ الصّلت بن طريح ماتت وهو صغير، فطرحه طريح إلى أخواله بعد موت أمّه. وفيه يقول:
  بات الخيال من الصّليت مؤرّقي ... يفري(٥) السّراة مع الرّباب الملثق(٦)
  ما راعني إلَّا بياض وجيهه ... تحت الدّجنّة(٧) كالسّراج المشرق
  نشأ في دولة بني أمية وأدرك دولة بني العباس وكان مدّاحا للوليد بن يزيد وغضب عليه ثم رضي عنه:
  ونشأ طريح في دولة بني أميّة، واستفرغ شعره في الوليد بن يزيد، وأدرك دولة بني العباس، ومات في أيام المهديّ(٨)؛ وكان الوليد له مكرما مقدّما؛ لانقطاعه إليه ولخؤولته في(٩) ثقيف.
  فأخبرني محمد بن خلف وكيع قال حدّثني هارون بن محمد بن عبد الملك الزيّات قال حدّثني أحمد بن حمّاد(١٠) بن الجميل عن العتبيّ عن سهم بن عبد الحميد قال أخبرني طريح بن إسماعيل الثّقفيّ قال:
  / خصصت بالوليد بن يزيد حتى صرت أخلو معه. فقلت له ذات يوم وأنا معه في مشربة(١١):
  يا أمير المؤمنين، خالك يحبّ أن تعلم شيئا من خلقه. قال: وما هو؟ قلت: لم أشرب شرابا قطَّ ممزوجا إلَّا من لبن أو عسل. قال: قد عرفت ذاك ولم يباعدك من قلبي. قال: ودخلت يوما إليه وعنده الأمويّون، فقال لي: إليّ يا خالي، وأقعدني إلى جانبه، ثم أتي بشراب فشرب، ثم ناولني القدح؛ فقلت: يا أمير المؤمنين قد أعلمتك رأيي
(١) فيء، ط: «سوابقها».
(٢) في م: «يفرق بينهم».
(٣) كذا فيء، ط، م. وفي سائر النسخ: «تشب» بالباء الموحدة، وهو تصحيف.
(٤) كذا في الأصول!
(٥) كذا في م. وفي سائر النسخ: «يقري» بالقاف.
(٦) الملثق: البالّ؛ يقال: لثق الطائر إذا ابتلّ ريشه، وألثقه غيره إذا بلَّه.
(٧) الدجنة: الظلام.
(٨) فيء، ط، م: «في أيام الهادي».
(٩) في ب، س: «من».
(١٠) في ط: «أحمد بن محمد بن الجميل». وفيء: «أحمد بن محمد الجميل» وفي م: «أحمد بن حماد بن عبد الحميد».
(١١) المشربة (بضم الراء وفتحها): الغرفة. وفيء، ط: «ونحن في مشرقة» والمشرقة (مثلثة الراء): موضع القعود في الشمس بالشتاء.