ذكر أخبار أبي سعيد مولى فائد ونسبه
  أبي ما عراك؟ فقلت الهموم ... عرون(١) أباك فلا تبلسي(٢)
  عرون أباك فحبّسنه ... من الذّلّ في شرّ ما محبس
  لفقد الأحبّة إذ نالها ... سهام من الحدث المبئس(٣)
  رمتها المنون بلا نكَّل ... ولا طائشات ولا نكَّس
  بأسهمها المتلفات النفوس ... متى ما تصب مهجة تخلس
  فصرّعنهم في نواحي البلاد ... ملقّى بأرض ولم يرسس(٤) /
  تقيّ(٥) أصيب وأثوابه ... من العيب والعار لم تدنس
  وآخر قد دسّ في حفرة ... وآخر قد طار لم يحسس
  إذا عنّ ذكرهم لم ينم ... أبوك وأوحش في المجلس
  فذاك الذي غالني(٦) فاعلمي ... ولا تسألي بامرئ متعس
  أذلَّوا قناتي لمن رامها ... وقد ألصقوا الرّغم بالمعطس
  قال: فرأيت عبد اللَّه بن حسن وإنّ دموعه لتجري على خدّه.
  غنى الرشيد وكان مغضبا فسكن غضبه:
  وقد أخبرني الحسن بن عليّ قال حدّثنا أحمد بن الحارث الخرّاز(٧) عن المدائنيّ عن إبراهيم بن رباح قال:
  عمّر أبو سعيد بن أبي سنّة مولى بني أميّة وهو مولى فائد مولى عمرو بن عثمان إلى أيّام الرشيد؛ فلمّا حجّ أحضره فقال: أنشدني قصيدتك:
  تقول أمامة لمّا رأت
  فاندفع فغنّاه قبل أن ينشده الشعر لحنه في أبيات منها، أوّلها:
  أفاض المدامع قتلى كدى
  وكان الرشيد مغضبا فسكن غضبه وطرب، فقال: أنشدني القصيدة. فقال: يا أمير المؤمنين، كان القوم مواليّ
(١) فيء، ط، م: «عرين» وعراه يعريه ويعروه (من بابي ضرب ونصر): غشيه.
(٢) لا تبلسي: لا تحزني.
(٣) في ح: «الحدث الموئس».
(٤) في م: «ترمس» وصوابه: «يرمس» بالياء. والرمس والرس: الدفن. وفي الحادي عشر (ص ٢٩٨ من هذه الطبعة):
فصرعاهم في نواحي البلا ... د تلقى بأرض ولم ترمس
(٥) في م: «نقيّ».
(٦) في ح: «عالني».
(٧) انظر الحاشية رقم ٢ ص ٢٧٧ من الجزء الثالث من هذا الكتاب.