كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار فليح بن أبي العوراء

صفحة 506 - الجزء 4

  ورد دمشق على إبراهيم بن المهدي فأخذ عنه جواريه غناء وانتشرت أغانيه بها:

  أخبرني رضوان بن أحمد قال حدّثنا يوسف بن إبراهيم قال حدّثنا أبو إسحاق إبراهيم بن المهديّ قال:

  كتب إليّ جعفر بن يحيى وأنا عامل للرشيد على جند دمشق: قد قدم علينا فليح بن أبي العوراء، فأفسد علينا بأهزاجه وخفيفه كلّ غناء سمعناه قبله. وأنا محتال لك في تخليصه إليك، لتستمتع به كما استمتعنا. فلم ألبث أن ورد عليّ فليح بكتاب الرشيد يأمر له بثلاثة آلاف دينار. فورد عليّ رجل أذكرني لقاؤه الناس، وأخبرني أنه قد ناهز المائة، فأقام عندي ثلاث سنين، فأخذ عنه جواريّ كلّ ما كان معه [من الغناء]⁣(⁣١)، وانتشرت أغانيه بدمشق.

  غنى موفق ألحان فليح بفسطاط مصر عند مقدم عنبسة بن إسحاق:

  قال يوسف: ثم قدم علينا شابّ من المغنّين مع عليّ بن زيد بن الفرج الحرّانيّ، عند مقدم عنبسة بن إسحاق فسطاط مصر، يقال له مونق؛ فغنّاني من غناء فليح:

  يا قرّة العين اقبلي عذري ... ضاق بهجرانكم صدري

  لو هلك الهجر استراح الهوى ... ما لقي الوصل من الهجر

  - ولحنه خفيف رمل - فلم أر بين ما غنّاه وبين ما سمعته في دار أبي إسحاق فرقا؛ فسألته من أين أخذه؟

  فقال: أخذته بدمشق؛ فعلمت أنّه مما أخذه أهل دمشق عن فليح.

  صوت من المائة المختارة

  أفاطم إنّ النأي يسلي ذوي الهوى ... ونأيك عنّي زاد قلبي بكم وجدا

  أرى حرجا ما نلت من ودّ غيركم ... ونافلة ما نلت من ودّكم رشدا

  وما نلتقي من بعد نأي وفرقة ... وشحط نوى إلَّا وجدت له بردا


() عشراء وهي الناقة مضى لحملها عشرة أشهر قال الأزهري: والعرب يسمونها عشارا بعد ما تضع ما في بطونها، للزوم الاسم بعد الوضع، كما يسمونها لقاحا.

(١) زيادة عنء، ط، م.

(٢) زيادة عنء، ط.