ذكر ابن هرمة وأخباره ونسبه
  قال: فصار من ولد فهر في ساعته.
  كان يقول: أنا ألأم العرب:
  قال يحيى بن عليّ وحدّثني أحمد بن يحيى الكاتب قال حدّثني العبّاس بن هشام الكلبيّ عن أبيه قال:
  كان ابن هرمة يقول: أنا ألأم العرب، دعيّ أدعياء: هرمة دعيّ في الخلج، والخلج أدعياء في قريش.
  قصته مع أسلميّ ضافه:
  حدّثني الحرميّ بن أبي العلاء قال حدّثنا الزّبير بن بكَّار قال حدّثني عمر بن أبي بكر المؤمّلي قال حدّثني عبد اللَّه بن أبي عبيدة بن محمد بن عمّار بن ياسر قال:
  زرت عبد اللَّه بن حسن بباديته وزاره ابن هرمة، فجاء رجل من أسلم؛ فقال ابن هرمة لعبد اللَّه بن حسن:
  أصلحك اللَّه! سل الأسلميّ أن يأذن لي أن أخبرك خبري وخبره. فقال له عبد اللَّه بن حسن: ائذن له، فأذن له الأسلميّ. فقال له إبراهيم بن هرمة: / إنّي خرجت - أصلحك اللَّه - أبغي ذودا(١) لي، / فأوحشت(٢) وضفت هذا الأسلميّ، فذبح لي شاة وخبز لي خبزا وأكرمني، ثم غدوت من عنده، فأقمت ما شاء اللَّه. ثم خرجت أيضا في بغاء ذود لي، فأوحشت فضفته فقراني بلبن وتمر، ثم غدوت من عنده فأقمت ما شاء اللَّه. ثم خرجت في بغاء ذود لي، فأوحشت، فقلت: لو ضفت الأسلميّ! فاللَّبن والتمر خير من الطَّوى؛ فضفته فجاءني بلبن حامض. فقال: قد أجبته - أصلحك اللَّه - إلى ما سأل، فسله أن يأذن لي أن أخبرك لم فعلت. فقال له: ائذن له؛ فأذن له. فقال الأسلميّ:
  ضافني، فسألته من هو؟ فقال: رجل من قريش، فذبحت له الشاة التي ذكر، وو اللَّه لو كان غيرها عندي لذبحته له حين ذكر أنّه من قريش. ثم غدا من عندي وغدا عليّ الحيّ فقالوا: من كان ضيفك البارحة؟ قلت: رجل من قريش؛ فقالوا: لا واللَّه ما هو من قريش، ولكنه دعيّ فيها. ثم ضافني الثانية على أنه دعيّ في قريش، فجئته بلبن وتمر وقلت: دعيّ قريش خير من غيره. ثم غدا من عندي وغدا عليّ الحيّ فقالوا: من كان ضيفك البارحة؟ قلت الرجل الذي زعمتم أنّه دعيّ في قريش؛ فقالوا: لا واللَّه ما هو بدعيّ في قريش، ولكنّه دعيّ أدعياء قريش. ثم جاءني الثالثة، فقريته لبنا حامضا، وو اللَّه لو كان عندي شرّ منه لقريته إيّاه. قال: فانخذل ابن هرمة، وضحك عبد اللَّه وضحكنا معه.
  لقيه ابن ميادة وطلب مهاجاته ثم تبين أنه يمزح:
  أخبرني الحرميّ بن أبي العلاء قال حدّثني الزّبير قال حدّثني نوفل بن ميمون قال:
  لقي ابن ميّادة ابن هرمة، فقال ابن ميادة: واللَّه لقد كنت أحبّ أن ألقاك، لا بدّ من أن نتهاجى، وقد فعل الناس ذلك قبلنا، فقال ابن هرمة: بئس واللَّه ما دعوت إليه وأحببته، وهو يظنّه جادّا. ثم قال له ابن هرمة: أما واللَّه إنّني للَّذي أقول:
(١) الذود: القطيع من الإبل من الثلاث إلى التسع، وقيل: ما بين الثلاث إلى الثلاثين، ولا يكون إلا من الإناث دون الذكور. قال النبيّ ﷺ: «ليس فيما دون خمس ذود صدقة».
(٢) يقال: أوحش الرجل إذا جاع ونفد زاده.