كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر ابن هرمة وأخباره ونسبه

صفحة 525 - الجزء 4

  أقبل عليّ فقال: عذرا إلى اللَّه تعالى وإليكم! إنّي لم أعن من آبائه طلحة بن عبيد اللَّه. قال: ونزل إليه إسماعيل بن جعفر بن محمد، وكان عندنا، فلم يكلَّمه حتّى ضرب أنفه، وقال له: فعنيت من آبائه أبا سليمان محمد بن طلحة يا دعيّ! قال: فدخلنا بينهما. وجاء رسول محمد بن طلحة بن عبيد اللَّه بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصّدّيق ¥ إلى ابن هرمة يدعوه، فذهب إليه. فقال له: ما الذي بلغني من هجائك أبا سليمان! واللَّه لا أرضى حتى تحلف ألَّا تقول له أبدا إلَّا خيرا، وحتى تلقاه فترضّاه إذا رجع، وتحتمل كلّ ما أزلّ إليك وتمدحه.

  قال: أفعل، بالحبّ والكرامة. قال: وإسماعيل بن جعفر لا تعرض له إلَّا بخير؛ قال نعم. قال: فأخذ عليه الأيمان فيهما وأعطاه ثلاثين دينارا، وأعطاه محمد بن عبد العزيز مثلها. قال: واندفع ابن هرمة يمدح محمد بن عمران:

  ألم تر أنّ القول يخلص صدقه ... وتأبى فما تزكو لباغ بواطله

  ذممت امرأ لم يطبع⁣(⁣١) الذّمّ عرضه ... قليلا لدى تحصيله من يشاكله

  فما بالحجاز من فتى ذي إمارة ... ولا شرف إلا ابن عمران فاضله

  فتى لا يطور⁣(⁣٢) الذّمّ ساحة بيته ... وتشقى به ليل التّمام⁣(⁣٣) عواذله

  / أخبرني الحسن بن عليّ قال حدّثنا محمد بن القاسم بن مهروية قال حدّثنا عبد اللَّه بن أبي سعد قال حدّثنا أحمد بن عمر الزّهريّ قال حدّثنا أبو بكر بن عبد اللَّه بن جعفر المسوريّ قال:

  مدح إبراهيم بن هرمة محمد بن عمران الطَّلحيّ، فألفاه راويته⁣(⁣٤) وقد جاءته عير له تحمل غلَّة قد جاءته من الفرع⁣(⁣٥) أو خيبر. فقال له رجل كان عنده: أعلم واللَّه أنّ أبا ثابت بن عمران بن عبد العزيز أغراه بك وأنا حاضر عنده وأخبره بعيرك هذه. فقال: إنّما أراد أبو ثابت أن يعرّضني للسانه، قودوا إليه القطار، فقيد إليه.

  طلب من عمر بن القاسم تمرا على ألا يعمل منه نبيذا ثم عمل:

  أخبرنا الحرميّ قال حدّثنا الزّبير قال حدّثني يحيى بن محمد عن عبد اللَّه⁣(⁣٦) بن عمر بن القاسم قال:

  جاء أبي تمر من صدقة عمر؛ فجاءه ابن هرمة فقال: أمتع اللَّه بك! أعطني من هذا التّمر. قال: يا أبا إسحاق، لولا أنّي أخاف أن تعمل منه نبيذا لأعطيتك. قال: فإذا علمت أنّي أعمل منه نبيذا لا تعطيني. قال: فخافه فأعطاه.

  فلقيه بعد ذلك؛ / فقال له: ما في الدّنيا أجود من نبيذ يجيء من صدقة عمر؛ فأخجله.

  سمع جرير شعره فمدحه:

  أخبرنا الحرميّ قال أخبرنا الزّبير قال حدّثني عبد الملك بن عبد العزيز قال:


(١) أي لم يسمه بما يشينه. ويحتمل أن يكون من طبع الشيء: دنس، وأطبعه: دنّسه.

(٢) لا يطور: لا يقرب. وفي حديث علي كرم اللَّه وجهه: «واللَّه لا أطور به ما سمر سمير» أي لا أقربه.

(٣) ليل التمام (بالكسر وقد يفتح): أطول ما يكون من ليالي الشتاء.

(٤) كذا في م. وفي سائر الأصول: «روايته»، وهو تحريف.

(٥) الفرع (بالضم): قرية من نواحي الرّبذة عن يسار السّقيا بينها وبين المدينة ثمانية برد على طريق مكة.

(٦) كذا في م وهو الموافق لما في الطبري (قسم ٣ ص ٢٣٨ طبع أوروبا). وفي سائر الأصول: «عن عبد العزيز بن القاسم»، وهو تحريف.