أخبار إسماعيل بن يسار ونسبه
  ولا(١) عبدا لعبدهما(٢) فنحظى ... بحسن الحظَّ منهم غير بخس
  / ولكن ضبّ جندلة(٣) أتينا ... مضبّا(٤) في مكامنه يفسّي
  فلمّا أن أتيناه وقلنا ... بحاجتنا تلوّن لون ورس(٥)
  وأعرض غير منبلج لعرف ... وظلّ مقرطبا(٦) ضرسا بضرس(٧)
  فقلت لأهله أبه كزاز(٨) ... وقلت لصاحبي أتراه يمسي
  فكان الغنم أن قمنا جميعا ... مخافة أن نزنّ(٩) بقتل نفس
  رثاؤه لمحمد بن عروة:
  حدّثني عمّي(١٠) قال حدّثنا أحمد بن زهير قال حدّثنا مصعب بن عبد اللَّه قال:
  وفد عروة بن الزّبير إلى الوليد بن عبد الملك وأخرج معه إسماعيل بن يسار النّسائيّ، فمات في تلك الوفادة محمد بن عروة بن الزّبير، وكان مطَّلعا على دوابّ الوليد بن عبد الملك، فسقط من فوق السطح بينها، فجعلت ترمحه(١١) حتى قطَّعته، كان جميل الوجه جوادا. فقال إسماعيل بن يسار يرثيه:
  صلَّى الإله على فتى فارقته ... بالشأم في جدث الطَّويّ(١٢) الملحد(١٣)
  بوّأته بيديّ دار إقامة ... نائي المحلة عن مزار العوّد
  وغبرت أعوله(١٤) وقد أسلمته ... لصفا(١٥) الأماعز والصّفيح(١٦) المسند
(١) ورد بعض هذه الأبيات في كتاب «عيون الأخبار» (ج ٣ ص ١٥٤ طبع دار الكتب المصرية) منسوبا إلى الحارث الكنديّ هكذا:
فلما أن أتيناه وقلنا ... بحاجتنا تلوّن لون ورس
وآض بكفه يحتك ضرسا ... يرينا أنه وجع بضرس
فقلت لصاحبي أبه كزاز ... وقلت أسرّه أتراه يمسي
وقمنا هاربين معا جميعا ... نحاذر أن نزنّ بقتل نفس
(٢) كذا في ط، م، ء. وفي سائر الأصول: «لعبدهم».
(٣) الجندلة: واحدة الجندل وهي الحجارة.
(٤) أضب في المكان: لزمه فلم يفارقه.
(٥) الورس: نبات أصفر يكون باليمن يتخذ منه طلاء للوجه، ونباته مثل نبات السمسم.
(٦) المقرطب (بكسر الطاء): الغضبان.
(٧) كذا فيء، ط. وفي سائر النسخ: «ضرسا لضرس».
(٨) الكزاز (كغراب ورمّان): داء يأخذ من شدّة البرد وتعتري منه رعدة.
(٩) نزن: نتهم.
(١٠) في م: «حدّثني الحسن». وهو الحسن بن محمد عمّ صاحب «الأغاني».
(١١) ترمحه: تضربه بأرجلها.
(١٢) الطويّ: المراد به هنا القبر المعرّش بالحجارة والآجرّ.
(١٣) ألحد القبر: عمل له لحدا.
(١٤) أعول الرجل: رفع صوته بالبكاء.
(١٥) الصفا: جمع صفاة وهي الحجر الصلد الضخم لا ينبت. والأماعز: جمع أمعز، وهو المكان الصلب الكثير الحصى.
(١٦) الصفيح والصفيحة: واحد الصفائح وهي الحجارة العريضة. والمسند: المتراكب بعضه فوق بعض.