أخبار إسماعيل بن يسار ونسبه
  من مثل كسرى وسابور الجنود معا ... والهرمزان(١) لفخر أو لتعظيم
  أسد الكتائب يوم الرّوع إن زحفوا ... وهم أذلَّوا ملوك التّرك والرّوم
  يمشون في حلق الماذيّ سابغة ... مشى الضّراغمة الأسد اللَّهاميم(٢)
  هناك إن تسألي تنبي بأنّ لنا ... جرثومة(٣) قهرت عزّ الجراثيم
  قال: فغضب هشام وقال له: يا عاضّ بظر أمّه! أعليّ تفخر وإيّاي تنشد قصيدة تمدح بها نفسك وأعلاج قومك! غطَّوه في الماء، فغطَّوه في البركة / حتى كادت نفسه تخرج، ثم أمر بإخراجه وهو بشرّ ونفاه من وقته، فأخرج عن الرّصافة منفيّا إلى الحجاز. قال: كان مبتلى بالعصبيّة للعجم والفخر بهم، فكان لا يزال مضروبا محروما مطرودا.
  مدح الوليد والغمر ابني يزد فأكرماه:
  أخبرني عمّي قال / حدّثني أحمد بن أبي خيثمة قال قال ابن النطَّاح وحدّثني أبو اليقظان:
  أنّ إسماعيل بن يسار وفد إلى الوليد بن يزيد، وقد أسنّ وضعف، فتوسّل إليه بأخيه الغمر ومدحه بقوله:
  نأتك سليمى فالهوى متشاجر ... وفي نأيها للقلب داء مخامر
  نأتك وهام القلب، نأيا بذكرها(٤) ... ولجّ كما لجّ الخليع المقامر
  بواضحة الأقراب(٥) خفّاقة الحشى ... برهرهة(٦) لا يجتويها(٧) المعاشر
  يقول فيها يمدح الغمر بن يزيد:
  إذا عدّد الناس المكارم والعلا ... فلا يفخرن يوما على الغمر فاخر
  فما مرّ من يوم على الدهر واحد ... على الغمر إلَّا وهو في الناس غامر(٨)
  تراهم خشوعا حين يبدو(٩) مهابة ... كما خشعت يوما لكسرى الأساور
  أغرّ بطاحيّ(١٠) كأنّ جبينه ... إذا ما بدا بدر إذا لاح باهر
(١) الهرمزان: الكبير من ملوك العجم.
(٢) حلق: جمع حلقة وهي هنا الدرع. والماذي: الدروع السهلة اللينة أو البيضاء. واللهاميم: جمع لهميم وهو السابق الجواد من الخيل والناس.
(٣) جرثومة الشيء: أصله.
(٤) أي نأتك نأيا وهام القلب بذكرها.
(٥) الأقراب: جمع قرب وهي الخاصرة.
(٦) البرهرهة: المرأة البيضاء الشابة الناعمة.
(٧) في أكثر الأصول: «لا يستويها». وفي م: «لا يحتويها» وكلاهما تحريف. وما أثبتناه هو تصحيح الشنقيطي في نسخته، وهو الذي يستقيم به المعنى. واجتواه: كرهه.
(٨) في م:
فما مر من يوم من الدهر واحد ... من الغمر إلا وهو للناس غامر
(٩) كذا في ح، وبه صحح الشنقيطي نسخته. وفي سائر الأصول: «تبدو».
(١٠) البطاحيّ: نسبة إلى البطاح، وهي التي كان ينزلها قريش البطاح، وهم أشرف قريش وأكرمهم. (انظر الحاشية رقم ٣ ص ٢٥٤ من الجزء الأوّل من هذه الطبعة).