كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار إسماعيل بن يسار ونسبه

صفحة 547 - الجزء 4

  من مثل كسرى وسابور الجنود معا ... والهرمزان⁣(⁣١) لفخر أو لتعظيم

  أسد الكتائب يوم الرّوع إن زحفوا ... وهم أذلَّوا ملوك التّرك والرّوم

  يمشون في حلق الماذيّ سابغة ... مشى الضّراغمة الأسد اللَّهاميم⁣(⁣٢)

  هناك إن تسألي تنبي بأنّ لنا ... جرثومة⁣(⁣٣) قهرت عزّ الجراثيم

  قال: فغضب هشام وقال له: يا عاضّ بظر أمّه! أعليّ تفخر وإيّاي تنشد قصيدة تمدح بها نفسك وأعلاج قومك! غطَّوه في الماء، فغطَّوه في البركة / حتى كادت نفسه تخرج، ثم أمر بإخراجه وهو بشرّ ونفاه من وقته، فأخرج عن الرّصافة منفيّا إلى الحجاز. قال: كان مبتلى بالعصبيّة للعجم والفخر بهم، فكان لا يزال مضروبا محروما مطرودا.

  مدح الوليد والغمر ابني يزد فأكرماه:

  أخبرني عمّي قال / حدّثني أحمد بن أبي خيثمة قال قال ابن النطَّاح وحدّثني أبو اليقظان:

  أنّ إسماعيل بن يسار وفد إلى الوليد بن يزيد، وقد أسنّ وضعف، فتوسّل إليه بأخيه الغمر ومدحه بقوله:

  نأتك سليمى فالهوى متشاجر ... وفي نأيها للقلب داء مخامر

  نأتك وهام القلب، نأيا بذكرها⁣(⁣٤) ... ولجّ كما لجّ الخليع المقامر

  بواضحة الأقراب⁣(⁣٥) خفّاقة الحشى ... برهرهة⁣(⁣٦) لا يجتويها⁣(⁣٧) المعاشر

  يقول فيها يمدح الغمر بن يزيد:

  إذا عدّد الناس المكارم والعلا ... فلا يفخرن يوما على الغمر فاخر

  فما مرّ من يوم على الدهر واحد ... على الغمر إلَّا وهو في الناس غامر⁣(⁣٨)

  تراهم خشوعا حين يبدو⁣(⁣٩) مهابة ... كما خشعت يوما لكسرى الأساور

  أغرّ بطاحيّ⁣(⁣١٠) كأنّ جبينه ... إذا ما بدا بدر إذا لاح باهر


(١) الهرمزان: الكبير من ملوك العجم.

(٢) حلق: جمع حلقة وهي هنا الدرع. والماذي: الدروع السهلة اللينة أو البيضاء. واللهاميم: جمع لهميم وهو السابق الجواد من الخيل والناس.

(٣) جرثومة الشيء: أصله.

(٤) أي نأتك نأيا وهام القلب بذكرها.

(٥) الأقراب: جمع قرب وهي الخاصرة.

(٦) البرهرهة: المرأة البيضاء الشابة الناعمة.

(٧) في أكثر الأصول: «لا يستويها». وفي م: «لا يحتويها» وكلاهما تحريف. وما أثبتناه هو تصحيح الشنقيطي في نسخته، وهو الذي يستقيم به المعنى. واجتواه: كرهه.

(٨) في م:

فما مر من يوم من الدهر واحد ... من الغمر إلا وهو للناس غامر

(٩) كذا في ح، وبه صحح الشنقيطي نسخته. وفي سائر الأصول: «تبدو».

(١٠) البطاحيّ: نسبة إلى البطاح، وهي التي كان ينزلها قريش البطاح، وهم أشرف قريش وأكرمهم. (انظر الحاشية رقم ٣ ص ٢٥٤ من الجزء الأوّل من هذه الطبعة).