كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار إسماعيل بن يسار ونسبه

صفحة 548 - الجزء 4

  /

  وقى عرضه بالمال فالمال جنّة ... له وأهان المال والعرض وافر

  وفي سيبه للمجتدين عمارة ... وفي سيفه للدّين عزّ وناصر

  نماه إلى فرعي لؤيّ بن غالب ... أبوه أبو العاصي وحرب وعامر

  وخمسة آباء له قد تتابعوا ... خلائف عدل ملكهم متواتر

  بهاليل سبّاقون في كلّ غاية ... إذا استبقت في المكرمات المعاشر

  هم خير من بين الحجون إلى الصّفا ... إلى حيث أفضت بالبطاح الحزاور⁣(⁣١)

  وهم جمعوا هذا الأنام على الهدى ... وقد فرّقت بين الأنام البصائر

  قال: فأعطاه الغمر ثلاثة آلاف درهم وأخذ له من أخيه الوليد ثلاثة آلاف درهم.

  أخبرني عمي قال حدّثنا أحمد بن أبي خيثمة عن مصعب قال:

  لمّا مات محمد بن يسار، وكانت وفاته قبل أخيه، دخل إسماعيل على هشام بن عروة، فجلس عنده وحدّثه بمصيبته ووفاة أخيه، ثم أنشده يرثيه:

  عيل العزاء وخانني صبري ... لمّا نعى الناعي أبا بكر

  ورأيت ريب الدّهر أفردني ... منه وأسلم للعدا ظهري

  من طيّب الأثواب مقتبل ... حلو الشمائل ماجد غمر⁣(⁣٢)

  فمضى لوجهته وأدركه ... قدر أنيح له من القدر

  وغبرت⁣(⁣٣) مالي من تذكَّره ... إلَّا الأسى وحرارة الصدر

  وجوى يعاودني⁣(⁣٤) وقلّ له ... منّي الجوى ومحاسن الذّكر

  / لمّا هوت أيدي الرّجال به ... في قعر ذات جوانب غبر

  وعلمت أنّي لن ألاقيه ... في الناس حتّى ملتقى الحشر

  كادت لفرقته وما ظلمت ... نفسي تموت على شفا القبر

  ولعمر من حبس الهديّ له ... بالأخشبين⁣(⁣٥) صبيحة النّحر

  / لو كان نيل الخلد يدركه ... بشر بطيب الخيم والنّجر⁣(⁣٦)


(١) الحزاور: جمع حزورة، وهي الرابية الصغيرة، ومنها الحزورة: سوق مكة وقد دخلت في المسجد لما زيد فيه. وفي الحديث:

وقف النبيّ بالخزورة فقال: «يا بطحاء مكة ما أطيبك من بلدة وأحبك إليّ، ولولا أن قومي أخرجوني منك ما سكنت غيرك».

(٢) الغمر: الكريم الواسع الخلق.

(٣) غبر هنا: مكث وبقي.

(٤) كذا في ح. وفي سائر الأصول: «يعاورني» بالراء.

(٥) الأخشبان: جبلان يضافان تارة إلى مكة وتارة إلى منى، أحدهما أبو قبيس والآخر قعيقعان. ويقال: بل هما أبو قبيس والجبل الأحمر المشرف هنالك.

(٦) الخيم: الطبيعة والسجية، وقيل: الأصل. والنجر: الأصل.