2 - حرب بكر وتغلب
  فافعل بقومك ما أراد بوائل ... يوم الغدير سميّك المطعون
  وقال رجل من بني بكر بن وائل في الإسلام وهي تنحل للأعشى:
  ونحن قهرنا تغلب ابنة وائل ... بقتل كليب إذ طغى وتخيّلا(١)
  أبأناه(٢) بالناب التي شقّ ضرعها ... فأصبح موطوء الحمى متذلَّلا
  قال: ومقتل كليب بالذّنائب عن يسار فلجة(٣) مصعدا إلى مكة، وقبره بالذنائب. وفيه يقول المهلهل:
  ولو نبش المقابر عن كليب ... فيخبر(٤) بالذنائب أيّ زير
  / قال أبو برزة: فلما قتله أمال يده بالفرس حتى انتهى إلى أهله. قال: وتقول أخته حين رأته لأبيها: إنّ ذا لجسّاس أتى خارجا ركبتاه؛ قال: واللَّه ما خرجت ركبتاه إلا لأمر عظيم!. قال: فلما جاء قال: ما وراءك يا بنيّ؟
  قال: ورائي أني قد طعنت طعنة لتشغلنّ بها شيوخ وائل زمنا؛ قال: أقتلت كليبا؟ قال نعم؛ قال: وددت أنك وإخوتك كنتم متّم قبل هذا، ما بي إلا أن تتشاءم بي أبناء وائل. وزعم مقاتل أن جسّاسا قال لأخيه نضلة بن مرّة - وكان يقال له عضد الحمار -:
  وإني قد جنيت عليك حربا ... تغصّ الشيخ بالماء القراح
  مذكَّرة(٥) متى ما يصح عنها ... فتى نشبت(٦) بآخر غير صاح
  تنكَّل عن ذباب(٧) الغيّ قوما ... وتدعو آخرين إلى الصّلاح
  فأجابه نضلة:
  فإن(٨) تك قد جنيت عليّ حربا ... فلا وان ولا رثّ السّلاح
  قال أبو برزة:
  وكان همّام بن مرة اخى مهلهلا وعاقده ألَّا يكتمه شيئا؛ فجاءت [إليه](٩) أمة له فأسرّت إليه قتل جسّاس كليبا؛ فقال [له](٩) مهلهل: ما قالت؟ فلم يخبره؛ فذكَّره / العهد بينهما؛ فقال: أخبرت أنّ جسّاسا قتل كليبا؛
(١) تخيل: تكبر.
(٢) أباء القاتل بالقتيل: قتله به.
(٣) فلجة: منزل على طريق مكة من البصرة بعد أبرقي حجر.
(٤) نصب «فيخبر» لما في «لو» من معنى التمني. «وأي زير» مبتدأ محذوف الخبر، كأنه قال: أي زير أنا.
(٥) مذكرة: شديدة.
(٦) في ط، ء: «تشبب لآخر ...».
(٧) كذا في ط، ء، م. والمعنى الذي يمكن أن يراد من معاني الذباب هنا وهو مضاف إلى الغيّ: الجنون أو الشرّ، أي إنها تصرف قوما عن جنون غيهم وطيشهم وتردّهم إلى صوابهم. وفي باقي الأصول: «عن ذئاب الغيّ». وورد هذا الشطر في كتاب بكر وتغلب ابني وائل (طبع مطبعة نخبة الأخبار سنة ١٣٠٥ هـ، ومنه نسخة خطية محفوظة بدار الكتب المصرية تحت رقم ٢٠ أدب ش):
تثكل دانيات البغي قوما
(٨) في ط، ء، م: «إن تك ...» بدون فاء. وهذا على أنه أوّل القصيدة، وحينئذ يكون فيه الخرم، وبحر الوافر مما يجوز فيه الخرم.
(٩) زيادة عن ط، ء.