كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

2 - حرب بكر وتغلب

صفحة 29 - الجزء 5

  فافعل بقومك ما أراد بوائل ... يوم الغدير سميّك المطعون

  وقال رجل من بني بكر بن وائل في الإسلام وهي تنحل للأعشى:

  ونحن قهرنا تغلب ابنة وائل ... بقتل كليب إذ طغى وتخيّلا⁣(⁣١)

  أبأناه⁣(⁣٢) بالناب التي شقّ ضرعها ... فأصبح موطوء الحمى متذلَّلا

  قال: ومقتل كليب بالذّنائب عن يسار فلجة⁣(⁣٣) مصعدا إلى مكة، وقبره بالذنائب. وفيه يقول المهلهل:

  ولو نبش المقابر عن كليب ... فيخبر⁣(⁣٤) بالذنائب أيّ زير

  / قال أبو برزة: فلما قتله أمال يده بالفرس حتى انتهى إلى أهله. قال: وتقول أخته حين رأته لأبيها: إنّ ذا لجسّاس أتى خارجا ركبتاه؛ قال: واللَّه ما خرجت ركبتاه إلا لأمر عظيم!. قال: فلما جاء قال: ما وراءك يا بنيّ؟

  قال: ورائي أني قد طعنت طعنة لتشغلنّ بها شيوخ وائل زمنا؛ قال: أقتلت كليبا؟ قال نعم؛ قال: وددت أنك وإخوتك كنتم متّم قبل هذا، ما بي إلا أن تتشاءم بي أبناء وائل. وزعم مقاتل أن جسّاسا قال لأخيه نضلة بن مرّة - وكان يقال له عضد الحمار -:

  وإني قد جنيت عليك حربا ... تغصّ الشيخ بالماء القراح

  مذكَّرة⁣(⁣٥) متى ما يصح عنها ... فتى نشبت⁣(⁣٦) بآخر غير صاح

  تنكَّل عن ذباب⁣(⁣٧) الغيّ قوما ... وتدعو آخرين إلى الصّلاح

  فأجابه نضلة:

  فإن⁣(⁣٨) تك قد جنيت عليّ حربا ... فلا وان ولا رثّ السّلاح

  قال أبو برزة:

  وكان همّام بن مرة اخى مهلهلا وعاقده ألَّا يكتمه شيئا؛ فجاءت [إليه]⁣(⁣٩) أمة له فأسرّت إليه قتل جسّاس كليبا؛ فقال [له]⁣(⁣٩) مهلهل: ما قالت؟ فلم يخبره؛ فذكَّره / العهد بينهما؛ فقال: أخبرت أنّ جسّاسا قتل كليبا؛


(١) تخيل: تكبر.

(٢) أباء القاتل بالقتيل: قتله به.

(٣) فلجة: منزل على طريق مكة من البصرة بعد أبرقي حجر.

(٤) نصب «فيخبر» لما في «لو» من معنى التمني. «وأي زير» مبتدأ محذوف الخبر، كأنه قال: أي زير أنا.

(٥) مذكرة: شديدة.

(٦) في ط، ء: «تشبب لآخر ...».

(٧) كذا في ط، ء، م. والمعنى الذي يمكن أن يراد من معاني الذباب هنا وهو مضاف إلى الغيّ: الجنون أو الشرّ، أي إنها تصرف قوما عن جنون غيهم وطيشهم وتردّهم إلى صوابهم. وفي باقي الأصول: «عن ذئاب الغيّ». وورد هذا الشطر في كتاب بكر وتغلب ابني وائل (طبع مطبعة نخبة الأخبار سنة ١٣٠٥ هـ، ومنه نسخة خطية محفوظة بدار الكتب المصرية تحت رقم ٢٠ أدب ش):

تثكل دانيات البغي قوما

(٨) في ط، ء، م: «إن تك ...» بدون فاء. وهذا على أنه أوّل القصيدة، وحينئذ يكون فيه الخرم، وبحر الوافر مما يجوز فيه الخرم.

(٩) زيادة عن ط، ء.