كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

2 - حرب بكر وتغلب

صفحة 32 - الجزء 5

  والرّغام ثم مالوا لبطن الحمارة⁣(⁣١)؛ فوردت بكر قضة فسقت وأسقت / ثم صدرت وحلَّثوا⁣(⁣٢) تغلب، ونهضوا في نجعة⁣(⁣٣) يقال لها موبية لا يجوز فيها إلا بعير بعير؛ فلحق رجل من الأوس بن تغلب بغليّم من بني تيم اللَّات بن ثعلبة يطرد ذودا له⁣(⁣٤)، قطعن في بطنه بالرمح ثم رفعه⁣(⁣٥) فقال: تحدّبي أمّ البوّ على بوّك. فرآه عوف بن مالك بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة، فقال: أنفذوا⁣(⁣٦) جمل أسماء (اينته) فإنه أمضى جمالكم وأجودها منفذا، فإذا نفذ تبعته النّعم؛ / فوثب الجمل في المويبة، حتى إذا نهض على يديه وارتفعت رجلاه ضرب عرقوبيه وقطع بطان الظَّعينة فوقع فسدّ الثنية - ثم قال عوف: أنا البرك أبرك حيث أدرك، فسمّي البرك - ووقع الناس إلى الأرض لا يرون مجازا، وتحالقوا لتعرفهم النساء؛ فقال جحدر بن ضبيعة بن قيس أبو المسامعة - واسمه ربيعة؛ قال: وإنما سمّي جحدرا لقصره⁣(⁣٧) -: لا تحلقوا رأسي فإني رجل قصير، لا تشينوني، ولكنّي أشتريه منكم بأوّل⁣(⁣٨) فارس يطلع عليكم من القوم؛ فطلع ابن عناق فشدّ عليه فقتله. فقال رجل من بكر بن وائل يمدح مسمع ابن مالك بذلك:

  يا بن الذي لمّا حلقنا اللَّمما ... ابتاع منا رأسه تكرّما

  بفارس أوّل من تقدّما

  وقال البكريّ:

  ومنّا الذي فادى من القوم رأسه ... بمستلئم⁣(⁣٩) من جمعهم غير أعزلا

  فأدّى إلينا بزة⁣(⁣١٠) وسلاحه ... ومنفصلا من عنقه قد تزيّلا

  / قال: وكان جحدر يرتجز يومئذ ويقول:

  ردّوا عليّ الخيل إن ألمّت ... إن لم أقاتلهم فجزّوا لمّتي

  وزعم عامر بن عبد الملك المسمعيّ أنه لم يقلها، وأن صخر بن عمرو السّلميّ قائلها؛ فقال مسمع: كردين⁣(⁣١١) (كذب) عامر. وقال البكريّ:


(١) كذا في الأصول. والحمارة (بلفظ تأنيث الحمار): اسم حرة. غير أن سياق عبارة الهمداني (في كتابه «صفة جزيرة العرب» ص ١٥٢ - ١٥٣) يدل على أن التي تصاقب الرغام هي «الحمادة» بالدال لا الحمارة بالراء. والحمادة (بالفتح) كما في «معجم ياقوت»:

ناحية باليمامة أيضا.

(٢) حلئوا تغلب: منعوها الماء.

(٣) في ط، ء: «نجفة» بالفاء.

(٤) الذود: ثلاثة أبعرة إلى التسعة وقيل إلى العشرة وقيل غير ذلك، ولا يكون إلا من الإناث، وهو يستعمل بمعنى الواحد وبمعنى الجمع.

(٥) في ح: «دفعه».

(٦) في ط، ء: «قدموا».

(٧) عبارة ط، ء: «قال: وإنما جحدره قصره».

(٨) في ط، ء: «بأكرم فارس».

(٩) المستلئم: لابس اللأمة: وهي السلاح كلها. يقال: استلأم الرجل إذا لبس ما عنده من عدّة: رمح وبيضة ومغفر وسيف ونبل ودرع.

(١٠) البز (بالفتح): نوع من الثياب. وفي ط، ء: «ثوبه».

(١١) كذا في ط، م، ء. وكردين: كلمة فارسية معناها: حائد عن الصواب. وقد رجح لدينا أن كلمة «كذب» أثبتت تفسيرا من المؤلف لكلمة «كردين» فوضعناها بين علامتي التفسير إشارة إلى ذلك. وفي ح: «كذب ابن كاذب عامر». وفي ب، س: «كاذب بن كاذب عامر».