كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

2 - حرب بكر وتغلب

صفحة 33 - الجزء 5

  ومنّا الذي سدّ الثنية غدوة ... على حلفة لم يبق فيها تحلَّلا

  بجهد يمين اللَّه لا يطلعونها ... ولمّا نقاتل جمعهم حين أسهلا

  وأمّا مقاتل فزعم أنهم قالوا: اتّخذوا علما يعرف به بعضكم بعضا، فتحالقوا⁣(⁣١). وفيه يقول طرفة⁣(⁣٢):

  صوت

  سائلوا عنّا الذي يعرفنا ... بقوانا⁣(⁣٣) يوم تحلاق اللَّمم

  يوم تبدي البيض عن أسؤقها⁣(⁣٤) ... وتلفّ الخيل أعراج النّعم

  / غنّى في هذين البيتين ابن محرز خفيف ثقيل أوّل بالوسطى عن الهشاميّ، وذكر أحمد بن المكيّ أنه لمعبد.

  همام بن مرة ومقتله:

  وزعم مقاتل أنّ همّام بن مرّة بن ذهل بن شيبان، لم يزل قائد بكر حتى قتل يوم القصيبات، وهو قبل⁣(⁣٥) يوم قضة، [ويوم قضة] على أثره. وكان من حديث مقتل همّام أنه وجد غلاما مطروحا، فالتقطه وربّاه وسمّاه ناشرة فكان عنده لقيطا؛ فلما شبّ تبيّن أنه من بني تغلب؛ فلمّا التقوا يوم القصيبات جعل همّام يقاتل، فإذا عطش رجع إلى قربة فشرب منها ثم وضع سلاحه؛ فوجد ناشرة من همّام غفلة، فشدّ عليه بالعنزة⁣(⁣٦) فأقصده فقتله، ولحق بقومه تغلب. فقال باكي همّام:

  لقد عيّل⁣(⁣٧) الأقوام طعنة ناشرة ... أنا شرّ لا زالت يمينك آشره⁣(⁣٨)

  الحارث بن عباد وأخذه بثأر ابنه بجير:

  ثم قتل ناشرة رجل من بني يشكر. فلمّا كان يوم قضة وتجمعت إليهم بكر، جاء إليهم الفند الزّمّانيّ أحد بني


(١) كذا في ط، ء. وفي باقي الأصول: «فتحالفوا» بالفاء، وهو تصحيف.

(٢) ذكر هذان البيتان في «ديوان طرفة» ضمن قصيدة أثبتها له أبو عبيدة والمفضل وأبو عمرو الشيباني، وزعم الأصمعي أنها مصنوعة وأنه أدرك قائلها (عن «شرح ديوانه» ص ١٠٤ طبع مدينة شالون سنة ١٩٠٠ م).

(٣) كذا في ح، س وعدة أصول من «ديوان طرفة». وفي باقي الأصول: «بوفانا» بالفاء وهو تحريف.

(٤) أسؤق: جمع لساق، همزت الواو فيه لتحمل الضمة، أي يوم تكشف النساء البيض عن سيقانها من الفزع. وتلف: تجمع. وأعراج:

جمع عرج (بالفتح ويكسر) وهو القطيع من الإبل نحو الثمانين أو منها إلى تسعين أو هو مائة وخمسون وفويقها أو من خمسمائة إلى ألف. والنعم (بالتحريك وقد تسكن عينه): الإبل.

(٥) كذا في ط، ء: وهو الموافق لما أجمعت عليه المصادر التي بين أيدينا ومنها كتاب «الأغاني» نفسه فيما تقدّم في أول هذا الخبر: من أن يوم القصيبات كان قبل يوم قضة ثم كان بعده يوم قضة. وقد وضعنا هذه الزيادة التي نعتقد أنها سقطت سهوا من الناسخ ليستقيم بها الكلام. وفي باقي الأصول: ... يوم القصيبات وهو بعد يوم قضة القصيبات على أثره ...» وهو على ما فيه من اضطراب يخالف ما أثبته «الأغاني» نفسه قبلا.

(٦) العنزة (محركة): شبيه العكازة أطول من العصا وأقصر من الرمح ولها زج من أسفلها.

(٧) في م، ح «واللسان» (مادة أشر): «الأيتام» بدل الأقوام. وعيلتهم الطعنة: أفقرتهم وأحوجتهم، إذ كان المطعون معتمدهم وسندهم.

(٨) آشرة: قال في «اللسان» (مادة أشر) بعد أن ذكر البيت: «أي لا زالت يمينك مأشورة» مشقوقة «أو ذات أشر، كما قال ø:

{خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ} أي مدفوق، ومثل قوله ø: {عِيشَةٍ راضِيَةٍ} أي مرضية، وذلك أن الشاعر إنما دعا على ناشرة لا له، بذلك أتى الخبر وإياه حكت الرواة. وذو الشيء قد يكون مفعولا كما يكون فاعلا ... إلخ.