2 - حرب بكر وتغلب
  زمّان بن مالك بن صعب بن عليّ بن بكر بن وائل من اليمامة، قال عامر / بن عبد الملك المسمعيّ: فرأسوه عليهم؛ فقلت أنا لفراس / بن خندق(١): إن عامرا يزعم أن الفند كان رئيس بكر يوم قضة؛ فقال: رحم اللَّه أبا عبد اللَّه! كان أقلّ الناس حظَّا في علم قومه. وقال فراس: كان رئيس بكر بعد همّام الحارث بن عباد. قال مقاتل:
  وكان الحارث بن عباد قد اعتزل يوم قتل كليب، وقال: لا أنا من هذا ولا ناقتي ولا جملي ولا عدلي، وربما قال:
  لست من هذا ولا جملي ولا رحلي، وخذل بكرا عن تغلب، واستعظم قتل كليب لسؤدده في ناقة. فقال سعد بن مالك يحضض الحارث بن عباد:
  يا بؤس للحرب التي ... وضعت أراهط(٢) فاستراحوا
  والحرب لا يبقى لصا ... حبها(٣) التّخيّل والمراح(٤)
  إلَّا الفتى الصبّار في النّ ... جدات والفرس الوقاح(٥)
  فلمّا أخذ بجير(٦) بن الحارث بن عباد توّا بواردات - وإنما سلّ ولم يؤخذ في مزاحفة - قال له مهلهل: من خالك يا غلام؟!. قال(٧) امرؤ القيس بن أبان التّغلبيّ لمهلهل: إني أرى غلاما ليقتلنّ به رجل لا يسأل عن خاله، وربما قال عن حاله - / قال: فكان واللَّه امرؤ القيس هو المقتول به، قتله الحارث بن عباد يوم قضة بيده - فقتله مهلهل. قال: فلمّا قتل مهلهل بجيرا قال: بؤ(٨) بشسع نعل كليب؛ فقال له الغلام: إن رضيت بذلك بنو ضبيعة بن قيس رضيت. فلما بلغ الحارث قتل بجير ابن أخيه - وقال أبو برزة: بل بجير ابن الحارث بن عباد نفسه - قال: نعم الغلام غلام أصلح بين ابني وائل وباء بكليب. فلما سمعوا قول الحارث: قالوا له: إنّ مهلهلا لمّا قتله قال له: بؤ بشسع نعل كليب - وقال مهلهل:
  كلّ قتيل في كليب حلَّام(٩) ... حتى ينال القتل آل همّام
  وقال أيضا:
(١) انظر الحاشية رقم ٣ ص ٣٥ من هذا الجزء.
(٢) أراهط: جمع أرهط الذي هو جمع رهط. وقال سيبويه: إن أرهط جمع لرهط على غير قياس.
(٣) بين سطور ط: «لجاحمها» وكتبت أمامها كلمة «صح». وجاحم الحرب: موقدها ومثيرها. وفيء: «لحاجمها» بتقديم الحاء على الجيم وهو مصحف عما ثبت في رواية ط.
(٤) التخيل: التكبر. والمراح: الأشر والبطر.
(٥) الوقاح (بالفتح): الصلب القويّ.
(٦) كذا في ب، س. وسيرد في سياق كلام المؤلف بعد قليل أن بجيرا ابن أخي الحارث وأن أبا برزة قال: إنه ابن الحارث نفسه. ونسبه على أنه ابن أخي الحارث هو، كما ورد في ح: «فلما أخذ بجير بن عمرو ابن مرة بن عباد الحارث عم أبيه». و «الحارث عم أبيه» جملة حالية سيقت لبيان ما بين بجير والحارث من آصرة قربى. وفي ط، ء، م: «ولما أخذ بجير بن عمرو بن مرة بن الحارث بن عباد توا بواردات ...» وغير خاف ما فيها من تحريف.
(٧) كذا في ب، س. وفي سائر الأصول: «قال يقول امرؤ القيس ...». ولو كان في ب، س: «فقال» بالفاء، كما ورد في جميع الأصول فيما يأتي، لكان أوجه.
(٨) باء دمه بدمه: عدله وكافأه، وباء فلان بفلان: قتل به.
(٩) قتيل حلام: ذهب باطلا. وأصل الحلام (بضم الحاء وتشديد اللام وتخفيفها): الصغير من ولد الغنم، ويقال فيه حلان أيضا، وقد روى بهما بيت مهلهل، والشطر الثاني في رواية «حلان»: «حتى ينال القتل آل شيبان». يقول: كل من قتل في كليب ناقص عن الوفاء به إلا آل همام أو شيبان. (عن «اللسان» مادة حلم ببعض تصرف).