كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

2 - حرب بكر وتغلب

صفحة 34 - الجزء 5

  زمّان بن مالك بن صعب بن عليّ بن بكر بن وائل من اليمامة، قال عامر / بن عبد الملك المسمعيّ: فرأسوه عليهم؛ فقلت أنا لفراس / بن خندق⁣(⁣١): إن عامرا يزعم أن الفند كان رئيس بكر يوم قضة؛ فقال: رحم اللَّه أبا عبد اللَّه! كان أقلّ الناس حظَّا في علم قومه. وقال فراس: كان رئيس بكر بعد همّام الحارث بن عباد. قال مقاتل:

  وكان الحارث بن عباد قد اعتزل يوم قتل كليب، وقال: لا أنا من هذا ولا ناقتي ولا جملي ولا عدلي، وربما قال:

  لست من هذا ولا جملي ولا رحلي، وخذل بكرا عن تغلب، واستعظم قتل كليب لسؤدده في ناقة. فقال سعد بن مالك يحضض الحارث بن عباد:

  يا بؤس للحرب التي ... وضعت أراهط⁣(⁣٢) فاستراحوا

  والحرب لا يبقى لصا ... حبها⁣(⁣٣) التّخيّل والمراح⁣(⁣٤)

  إلَّا الفتى الصبّار في النّ ... جدات والفرس الوقاح⁣(⁣٥)

  فلمّا أخذ بجير⁣(⁣٦) بن الحارث بن عباد توّا بواردات - وإنما سلّ ولم يؤخذ في مزاحفة - قال له مهلهل: من خالك يا غلام؟!. قال⁣(⁣٧) امرؤ القيس بن أبان التّغلبيّ لمهلهل: إني أرى غلاما ليقتلنّ به رجل لا يسأل عن خاله، وربما قال عن حاله - / قال: فكان واللَّه امرؤ القيس هو المقتول به، قتله الحارث بن عباد يوم قضة بيده - فقتله مهلهل. قال: فلمّا قتل مهلهل بجيرا قال: بؤ⁣(⁣٨) بشسع نعل كليب؛ فقال له الغلام: إن رضيت بذلك بنو ضبيعة بن قيس رضيت. فلما بلغ الحارث قتل بجير ابن أخيه - وقال أبو برزة: بل بجير ابن الحارث بن عباد نفسه - قال: نعم الغلام غلام أصلح بين ابني وائل وباء بكليب. فلما سمعوا قول الحارث: قالوا له: إنّ مهلهلا لمّا قتله قال له: بؤ بشسع نعل كليب - وقال مهلهل:

  كلّ قتيل في كليب حلَّام⁣(⁣٩) ... حتى ينال القتل آل همّام

  وقال أيضا:


(١) انظر الحاشية رقم ٣ ص ٣٥ من هذا الجزء.

(٢) أراهط: جمع أرهط الذي هو جمع رهط. وقال سيبويه: إن أرهط جمع لرهط على غير قياس.

(٣) بين سطور ط: «لجاحمها» وكتبت أمامها كلمة «صح». وجاحم الحرب: موقدها ومثيرها. وفيء: «لحاجمها» بتقديم الحاء على الجيم وهو مصحف عما ثبت في رواية ط.

(٤) التخيل: التكبر. والمراح: الأشر والبطر.

(٥) الوقاح (بالفتح): الصلب القويّ.

(٦) كذا في ب، س. وسيرد في سياق كلام المؤلف بعد قليل أن بجيرا ابن أخي الحارث وأن أبا برزة قال: إنه ابن الحارث نفسه. ونسبه على أنه ابن أخي الحارث هو، كما ورد في ح: «فلما أخذ بجير بن عمرو ابن مرة بن عباد الحارث عم أبيه». و «الحارث عم أبيه» جملة حالية سيقت لبيان ما بين بجير والحارث من آصرة قربى. وفي ط، ء، م: «ولما أخذ بجير بن عمرو بن مرة بن الحارث بن عباد توا بواردات ...» وغير خاف ما فيها من تحريف.

(٧) كذا في ب، س. وفي سائر الأصول: «قال يقول امرؤ القيس ...». ولو كان في ب، س: «فقال» بالفاء، كما ورد في جميع الأصول فيما يأتي، لكان أوجه.

(٨) باء دمه بدمه: عدله وكافأه، وباء فلان بفلان: قتل به.

(٩) قتيل حلام: ذهب باطلا. وأصل الحلام (بضم الحاء وتشديد اللام وتخفيفها): الصغير من ولد الغنم، ويقال فيه حلان أيضا، وقد روى بهما بيت مهلهل، والشطر الثاني في رواية «حلان»: «حتى ينال القتل آل شيبان». يقول: كل من قتل في كليب ناقص عن الوفاء به إلا آل همام أو شيبان. (عن «اللسان» مادة حلم ببعض تصرف).