كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

3 - ذكر الهذلي وأخباره

صفحة 50 - الجزء 5

  قيامه، فدعوت غلاما لي، فقلت: اذهب إلى بيتي وجئني ببزماوردتين⁣(⁣١) ولفّهما في منديل واذهب ركضا وعجّل، فمضى الغلام وجاءني بهما، فلما وافى الباب ونزل عن دابّته انقطع فنفق⁣(⁣٢) من شدّة ما ركض عليه، وأدخل إليّ البزماوردتين، فأكلتهما ورجعت نفسي إليّ وعدت إلى مجلسي؛ فقال لي إبراهيم: لي إليك حاجة أحبّ أن تقضيها لي؛ فقلت: إنما أنا عبدك وابن عبدك، فقل ما شئت؛ قال: تردّد عليّ: «كليب لعمري» وهذا المطرف لك؛ فقلت:

  أنا لا آخذ منك مطرفا على هذا، ولكنني أصير إلى منزلك فألقيه على الجواري وأردّده عليك مرارا؛ فقال: أحبّ أن تردّده عليّ الساعة وأن تأخذ هذا فإنه من لبسك / وهو من حاله كذا وكذا؛ فردّدت عليه الصوت مرارا حتى أخذه، ثم سمعنا حركة محمد فقمنا حتى جاء وجلس، ثم قعدنا فشرب وتحدّثنا؛ فغنّاه إبراهيم: «كليب لعمري»، فكأني واللَّه لم أسمعه قبل ذلك حسنا؛ وطرب محمد طربا شديدا وقال: أحسنت واللَّه! يا غلام، عشر بدر لعمّي السّاعة! فجاؤوا بها؛ فقال: يا أمير المؤمنين، إن لي فيها شريكا؛ قال: من هو؟ قال: إسحاق؛ قال: وكيف؟ فقال: إنما أخذته منه لمّا قمت؛ فقلت أنا: ولم! أضاقت الأموال على أمير / المؤمنين حتى تريد أن تشرك فيما يعطي! قال:

  أمّا أنا فأشركك وأمير المؤمنين أعلم؛ فلما انصرفنا من المجلس أعطاني ثمانين ألفا، وأعطاني هذا المطرف، فهذا أخذ به مائة ألف درهم، وهي قيمته.

  صوت من المائة المختارة

  من رواية جحظة عن أصحابه:

  علَّل القوم يشربوا ... كي يلذّوا ويطربوا

  إنما ضلَّل الفؤا ... د غزال مربّب⁣(⁣٣)

  فرشته على النّما ... رق سعدى وزينب

  حال دون الهوى ودو ... ن سرى الليل مصعب⁣(⁣٤)

  وسياط على أك ... فّ رجال تقلَّب

  الشعر لعبيد اللَّه بن قيس الرّقيّات. والغناء في اللحن المختار لمالك بن أبي السّمح، ولحنه من الثقيل الأوّل بالسبابة في مجرى الوسطى. وفيه لإسحاق ثقيل أوّل مطلق في مجرى البنصر. ولابن سريج في الرابع والخامس والأوّل ثاني ثقيل في مجرى الوسطى. ولمعبد في الثاني وما بعده خفيف ثقيل أوّل بالسبابة في مجرى الوسطى.


(١) البزماورد: طعام يسمى لقمة القاضي، وفخذ الست، ولقمة الخليفة، وهو مصنوع من اللحم المقلي بالزبد والبيض. (انظر الحاشية رقم ٢ ج ٤ ص ٣٥٣ من هذه الطبعة).

(٢) نفق: مات. وذكر الضمير لأن الدابة تطلق على الحيوان مذكرا كان أو مؤنثا، والدابة هنا مذكر.

(٣) كذا في أكثر الأصول وكذلك صححها الأستاذ الشنقيطي في نسخته، يقال: رب الصبي وريبه أي رباه. وفي ب، س وديوانه طبع أوروبا: «مربرب».

(٤) هو مصعب بن عبد الرحمن بن عوف الزهري كما في كتاب «المعارف» لابن قتيبة (ص ١٢٣ طبع جوتنجن) وكما سيذكره المؤلف بعد قليل في ترجمة عبيد اللَّه بن قيس الرقيات.