10 - نسب إبراهيم الموصلي وأخباره
  صوته الذي غنّاه أحسن صنعة منه وأجود وأشجى، وإنما يغلبني عند هذا الرجل بصوته، ولا مطعن على صوتك، وإذا أطربته وغلبته عليه بما تأخذه مني قام ذلك لي(١) مقام الظَّفر؛ وسيصبح أمير المؤمنين غدا فيدخل الحمام ونحضر ثم يخرج فيدعو بالطعام ويدعو بنا ويأمر ابن جامع فيردّ الصوت الذي غناه ويشرب عليه رطلا ويأمر له بجائزة، فإذا فعل فلا تنتظره أكثر من أن يردّ ردّته حتى تغنّي ما أعلَّمك إياه الساعة، فإنه يقبل عليك ويصلك، ولست أبالي ألَّا يصلني بعد أن يكون إقباله عليك؛ فقلت: السمع والطاعة؛ فألقى عليّ لحنه:
  يا دار سعدى بالجزع من ملل
  وردّده(٢) حتى أخذته وانصرف؛ ثم بكَّر عليّ فاستعاد الصوت فردّدته حتى رضيه، ثم ركبنا وأنا أدرسه حتى صرنا إلى دار الرشيد؛ فلمّا دخلنا فعل الرشيد جميع ما وصفه إبراهيم شيئا فشيئا، وكان إبراهيم أعلم الناس به، ثم أمر ابن جامع فردّ الصوت ودعا برطل فشربه، ولما استوفاه واستوفى ابن جامع صوته لم أدعه يتنفّس حتى اندفعت فغنّيت صوت إبراهيم، فلم يزل يصغى إليه وهو باهت حتى استوفيته؛ / فشرب وقال: أحسنت واللَّه! لمن هذا الصوت؟ فقلت: لإبراهيم؛ فلم يزل يستدنيني حتى صرت قدّام سريره، وجعل يستعيد الصّوت فأعيده ويشرب [عليه](٣) رطلا، فأمر لإبراهيم بجائزة سنيّة وأمر لي بمثلها؛ وجعل ابن جامع يشغب ويقول: يجيء بالغناء فيدسّه في أستاه الصّبيان! إن كان محسنا فليغنّه هو، والرشيد يقول [له](٣): دع ذا عنك، فقد واللَّه استقاد منك وزاد عليك.
  صوت من المائة المختارة
  تولَّى شبابك إلا قليلا ... وحلّ المشيب فصبرا جميلا
  كفى حزنا بفراق الصّبا ... وإن أصبح الشّيب منه بديلا
  الشعر والغناء لإسحاق. ولحنه المختار ثاني ثقيل بالوسطى في مجراها عن إسحاق بن عمرو.
(١) كذا في ط، ء. وفي سائر الأصول: «قام ذلك مني».
(٢) في م: «ورددته».
(٣) الزيادة عن ط، ء.