11 - أخبار إسحاق بن إبراهيم
  لي: واللَّه يا أبا محمد لسروري بتمام الشعر أشدّ من سروري بكل شيء، فألحقهما في الغناء بالبيتين الأوّلين، فألحقتهما.
  نسبة هذا الصوت
  صوت
  لجّ بالعين واكف ... من هوى لا يساعف
  كلَّما كفّ غربها ... هيّجته المعازف
  إنما الموت أن تفا ... رق من أنت آلف
  لك حبّان في الفؤا ... د تليد وطارب
  ولم أعرف من خبر شاعره غير ما ذكرته في هذا الخبر. والغناء لإسحاق هزج بالوسطى.
  مقدار صنعته:
  أخبرنا يحيى بن عليّ بن يحيى قال حدّثنا أبو أيّوب المدينيّ عن ابن المكَّيّ عن أبيه قال:
  قلت لإسحاق يوما: يا أبا محمد، كم تكون صنعتك؟ فقال: ما بلغت مائتين قطَّ.
  مرضه ووفاته:
  أخبرنا يحيى بن عليّ قال حدّثنا حمّاد بن إسحاق قال:
  قال لي وكيل بن الحرونيّ: قلت لأبيك إسحاق: يا أبا محمد، كم يكون غناؤك؟ قال: نحوا من أربعمائة صوت. قال: وقال له رجل بحضرتي: مالك لا تكثر الصنعة كما يكثر الناس؟ قال: لأنّي إنما أنقر في صخرة.
  ولإسحاق أخبار كثيرة قليلة الفائدة كثيرة الحشو، طرحتها لذلك؛ وله أخبار أخر حسن ذكرها في مواضع تليق بها فأخّرتها واحتبستها عليها؛ وفيما ذكرته هاهنا منها مقنع.
  وتوفّي إسحاق(١) ببغداد في أوّل خلافة المتوكَّل. فأخبرني الصّوليّ قال ذكر إبراهيم بن محمد الشّاهينيّ:
  أنّ إسحاق كان يسأل اللَّه ألَّا يبتليه بالقولنج(٢) لما رأى من صعوبته على أبيه؛ فرأى في منامه كأنّ قائلا يقول له: قد أجيبت دعوتك ولست تموت بالقولنج، ولكنك تموت بضدّه، فأصابه ذرب(٣) في شهر رمضان سنة خمس وثلاثين ومائتين؛ فكان يتصدّق في كل يوم أمكنه أن يصومه بمائة درهم؛ ثم ضعف عن الصوم فلم يطقه ومات في شهر رمضان.
(١) الذي في ابن خلكان و «النجوم الزاهرة» أن مولده كان في سنة خمسين ومائة وهي السنة التي ولد فيها الإمام الشافعيّ ومات فيها الإمام أبو حنيفة ®، فتكون سنة خمسا وثمانين سنة.
(٢) القولنج: مرض معوي مؤلم، يعسر معه خروج الثقل والريح.
(٣) الذرب: داء يعرض للمعدة فلا تهضم معه الطعام، ويفسد فيها فلا تمسكه.