كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

2 - أخبار داود بن سلم ونسبه

صفحة 298 - الجزء 6

  متجاسرين بحمل كل ملمّة ... متجبّرين على الذي يتجبّر

  عسل الرّضا فإذا أردت خصامهم ... خلط السّمام بفيك صاب ممقر⁣(⁣١)

  لا يطبعون ولا ترى أخلاقهم ... إلَّا تطيب كما يطيب العنبر

  رفعوا بناي بعتق حوط دنية ... جدّي وفضلهم الذي لا ينكر

  كان أسود بخيلا وله شعر في الكرم كذبه فيه قوم ضافوه:

  أخبرني أحمد بن عبد العزيز الجوهريّ وحبيب بن نصر المهلَّبيّ قالا حدّثنا عمر بن شبّة قال حدّثني إسحاق الموصليّ قال:

  كان داود بن سلم مولى بني تيم بن مرّة، وكان يقال له: الآدم لشدّة سواده، وكان من أبخل الناس؛ فطرقه قوم وهو بالعقيق، فصاحوا به: العشاء والقرى يا بن سلم؛ فقال لهم: لا عشاء لكم عندي ولا قرى؛ قالوا: فأين قولك في قصيدتك إذ تقول فيها:

  يا دار هند ألا حيّيت من دار ... لم أقض منك لباناتي وأوطاري

  عوّدت فيها إذا ما الضيف نبّهني ... عقر العشار⁣(⁣٢) على يسري وإعساري

  قال: لستم من أولئك الذين عنيت.

  عزى السري بن عبد اللَّه عن ابنه:

  قال: ودخل على السّريّ بن عبد اللَّه الهاشميّ، وقد أصيب بابن له؛ فوقف بين يديه ثم أنشده:

  /

  يا من على الأرض من عجم ومن عرب ... استرجعوا خاست⁣(⁣٣) الدّنيا بعبّاس

  فجعت من سبعة قد كنت آملهم ... من ضنء⁣(⁣٤) والدهم بالسيّد الرّاس

  قال: وداود بن سلم الذي يقول:

  قل لأسماء أنجزي الميعادا ... وانظري أن تزوّدي منك زادا

  إن تكوني حللت ربعا من الشأ ... م وجاورت حميرا أو مرادا

  أو تناءت بك النوى فلقد قد ... ت فؤادي لحينه فانقادا

  ذاك أني علقت منك جوى ألح ... بّ وليدا فزدت سنّا فزادا

  قال أبو زيد: أنشدنيها أبو غسّان محمد بن يحيى وإبراهيم بن المنذر لداود بن سلم.


(١) عسل: جمع عاسل وعسول أي حلو. والممقر: الشديد المرارة.

(٢) العشار جمع عشراء، وهي من الإبل ما مضى لحملها عشرة أشهر، فإذا وضعت لتمام سنة فهي عشراء أيضا. وأحسن ما تكون الإبل وأنفسها عند أهلها إذا كانت عشارا.

(٣) خاست: غدرت.

(٤) الضنء: الولد: ويطلق على الأصل أيضا.