كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

4 - أخبار أعشى همدان ونسبه

صفحة 326 - الجزء 6

  ولا أنت من أثوابها الخضر لابس ... ولكنّ خشبانا شدادا ومشقصا⁣(⁣١)

  فكم ردّ من ذي حاجة لا ينالها ... جديع العتيك ردّه اللَّه أبرصا

  وشيّد بنيانا وظاهر كسوة ... وطال جديع بعد ما كان أوقصا

  [تصغير جدع⁣(⁣٢) جديع بالدال غير معجمة]. والأبيات التي كان فيها الغناء المذكور معه خبر الأعشى في هذا الكتاب يقولها في زوجة له من همدان يقال لها جزلة، هكذا رواه الكوفيون، وهو الصحيح. وذكر الأصمعي أنها خولة، هكذا رواه في شعر الأعشى.

  طلق زوجته أم الجلال وتزوّج غيرها وشعره في ذلك:

  فذكر العنزيّ في أخبار الأعشى المتقدّم إسنادها: أنها كانت عند الأعشى امرأة من قومه يقال لها أمّ الجلال⁣(⁣٣)، فطالت مدتها معه وأبغضها، ثم خطب امرأة من قومه يقال لها جزلة - وقال الأصمعي: خولة - فقالت له: لا، حتى تطلَّق أمّ الجلال؛ فطلَّقها؛ وقال في ذلك:

  تقادم ودّك أمّ الجلال ... فطاشت نبالك عند⁣(⁣٤) النّضال

  وطال لزومك لي حقبة ... فرثّت قوى الحبل بعد الوصال

  وكان الفؤاد بها معجبا ... فقد أصبح اليوم عن ذاك سالي

  / صحا لا مسيئا ولا ظالما ... ولكن سلا سلوة في جمال

  ورضت خلائفنا كلَّها ... ورضنا خلائقكم كلّ حال

  فأعييتنا في الذي بيننا ... تسومينني كلّ أمر عضال

  وقد تأمرين بقطع الصديق ... وكان الصديق لنا غير قالي

  وإتيان ما قد تجنّبته ... وليدا ولمت عليه رجالي

  أفاليوم أركبه بعد ما ... علا الشّيب منّي صميم القذال⁣(⁣٥)

  لعمر أبيك لقد خلتني ... ضعيف القوى أو شديد المحال

  هلمّي اسألي نائلا فانظري ... أأحرمك الخير عند السؤال

  ألم تعلمي أنّني معرق ... نماني إلى المجد عمّي وخالي

  وأنّي إذا ساءني منزل ... عزمت فأوشكت منه ارتحالي

  فبعض العتاب، فلا تهلكي ... فلا لك في ذاك خير ولا لي


(١) المشقص: نصل عريض، وقيل: سهم فيه ذلك يرمى به الوحش.

(٢) هذه الجملة ساقطة من جميع الأصول ما عدا ب، س.

(٣) كذا في ب، س. وفي سائر الأصول هنا وفيما سيأتي: أم الحلال (بالحاء المهملة).

(٤) كذا في ب، س. وفي سائر الأصول: «بعد النصال».

(٥) القذال: جماع مؤخر الرأس، أو هو ما بين نفرة القفا إلى الأذن.