كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

4 - أخبار أعشى همدان ونسبه

صفحة 329 - الجزء 6

  قال: فضحك الأحنف، ثم قال: يأهل البصرة، قد فخر عليكم الشعبيّ وصدق وانتصف، فأحسنوا مجالسته.

  شعر له في هزيمة الزبير الخثعميّ بجلولاء:

  أخبرني محمد بن عمران الصّيرفيّ قال حدّثنا العنزيّ قال حدّثنا الرياشيّ عن أبي محلَّم⁣(⁣١) عن الخليل بن عبد الحميد عن أبيه قال:

  بعث بشر بن مروان الزبير بن خزيمة الخثعميّ إلى الريّ؛ فلقيه الخوارج بجلولاء⁣(⁣٢)، فقتلوا جيشه وهزموه وأبادوا⁣(⁣٣) عسكره، وكان معه أعشى همدان، فقال في ذلك:

  /

  أمّرت خثعم على غير خير ... ثم أوصاهم الأمير بسير

  أين ما كنتم تعيفون للنا ... س وما تزجرون من كل طير

  ضلَّت الطير عنكم بجلولا ... ء وغرّتكم أماني الزّبير

  قدر ما أتيح لي من فلسطي ... ن على فالج⁣(⁣٤) ثقال⁣(⁣٥) وعير

  خثعميّ مغصّص جزجمان ... يّ محلّ غزا مع ابن نمير⁣(⁣٦)

  مدح الأصمعي شعره وفضله:

  أخبرني محمد بن الحسن بن دريد قال حدّثنا أبو حاتم قال:

  سألت الأصمعيّ عن أعشى همدان فقال: هو من الفحول وهو إسلامي كثير الشعر؛ ثم قال لي: العجب من ابن دأب حين يزعم أن أعشى همدان قال:

  من دعا لي غزيّلي ... أربح اللَّه تجارته

  ثم قال: سبحان اللَّه! أمثل هذا يجوز على الأعشى؟ أن يجزم اسم اللَّه ø ويرفع تجارته وهو نصب. ثم قال لي خلف الأحمر: واللَّه لقد طمع ابن دأب في الخلافة حين ظنّ أن هذا يقبل منه وأن له من المحل مثل أن يجوّز مثل هذا. قال ثم قال: ومع ذلك أيضا إن قوله:

  من دعا لي غزيّلي


(١) هو أبو محلم الشيباني. واسمه محمد بن سعد، ويقال محمد بن هشام بن عوف السعدي. وكان يسمى محمدا وأحمد. أعرابي، أعلم الناس بالشعر واللغة، وكان يغلظ طبعه ويفخم كلامه ويعرب منطقه. وقال ابن السكيت: أصل أبي محلم من الفرس ومولده بفارس، وإنما انتسب إلى أبي سعد. وقال مؤرج: كان أبو محلم أحفظ الناس، استعار مني جزءا ورده من الغد وقد حفظه في ليلة، وكان مقداره نحو خمسين ورقة. وقال أبو محلم: ولدت في السنة التي حج فيها المنصور. وتوفي سنة ثمان وأربعين ومائتين. وله من الكتب «كتاب الأنواء»، و «كتاب الخيل»، و «كتاب خلق الإنسان» (راجع «كتاب الفهرست» ص ٤٦ طبع أوروبا).

(٢) جلولاء (بالمد): طسوج (ناحية) من طساسيج السواد في طريق خراسان بينها وبين خانقين سبعة فراسخ. وبها كانت الوقعة المشهورة على الفرس للمسلمين سنة ١٦ هـ فاستباحهم المسلمون، فسميت جلولاء الوقيعة لما أوقع بهم المسلمون.

(٣) في ح: «وأبا حوا».

(٤) الفالج: الجمل الضخم ذو السنامين يحمل من السند للفحلة.

(٥) كذا في ب، س، ح والثقال (بالفتح وبالضم): الثقيل. وفي سائر الأصول: «ثفال» (بالفاء)، والثفال (بالفتح): البطيء من الدواب والناس.

(٦) ورد هذا البيت هكذا بالأصول.