كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

6 - أخبار حماد الراوية ونسبه

صفحة 341 - الجزء 6

  كذب الفرزدق في شعر نسبه لنفسه فأقر:

  حدّثني محمد بن خلف وكيع قال حدّثني الكرانيّ محمد بن سعد عن النّضر بن عمرو عن الوليد بن هشام عن أبيه قال:

  أنشدني الفرزدق وحماد الراوية حاضر:

  وكنت كذئب السّوء لمّا رأى دما ... بصاحبه يوما أحال⁣(⁣١) على الدم

  فقال له حماد: آنت تقوله؟ قال: نعم؛ قال: ليس الأمر كذلك، هذا لرجل من أهل اليمن؛ قال: ومن يعلم هذا غيرك! أفأردت⁣(⁣٢) أن أتركه وقد نحلنيه الناس ورووه لي لأنك تعلمه وحدك ويجهله الناس جميعا غيرك!.

  كان هو وأبو عمرو كل منهما يقدم الآخر على نفسه:

  حدّثني⁣(⁣٣) محمد بن العباس اليزيديّ قال حدّثني الفضل قال حدّثني ابن النّطَّاح قال حدّثني أبو عمرو الشّيباني قال:

  ما سألت أبا عمرو بن العلاء قطَّ عن حمّاد الراوية إلا قدّمه على نفسه، ولا سألت حمّادا عن أبي عمرو إلا قدّمه على نفسه.

  هو أحد الحمادين الثلاثة:

  حدّثنا إبراهيم بن أيّوب عن عبد اللَّه بن مسلم، وذكر عبد اللَّه بن مسلم عن الثّقفيّ / عن إبراهيم بن عمر [و]⁣(⁣٤) العامري قالا:

  / كان بالكوفة ثلاثة نفر يقال لهم الحمّادون: حماد عجرد، وحماد بن الزّبرقان، وحماد الراوية، يتنادمون على الشراب ويتناشدون الأشعار ويتعاشرون معاشرة جميلة، وكانوا كأنهم نفس واحدة، وكانوا يرمون بالزندقة جميعا.

  كان بخيلا فداعبه مطيع وابن زياد عن سراجه:

  أخبرني الحسن⁣(⁣٥) بن يحيى المرداسيّ قال حدّثنا حمّاد بن إسحاق عن أبيه قال:

  دخل مطيع بن إياس ويحيى بن زياد على حماد الراوية، فإذا سراجه على ثلاث قصبات⁣(⁣٦) قد جمع أعلاهنّ وأسفلهنّ بطين، فقال له يحيى بن زياد: يا حماد، إنك لمسرف مبتذل لحرّ المتاع؛ فقال له مطيع: ألا تبيع هذه المنارة وتشتري أقلّ ثمنا منها وتنفق علينا وعلى نفسك الباقي وتتّسع به؟ فقال له يحيى: ما أحسن ظنّك به! ومن أين له مثل هذه؟ إنما هي وديعة أو عارية؛ فقال له مطيع: أما إنه لعظيم الأمانة عند الناس! قال له يحيى: وعلى


(١) أحال على الدم: أقبل عليه.

(٢) في ب، س: «فأردت».

(٣) كذا في ح. وفي سائر الأصول: «قال حدّثني».

(٤) زيادة عن م. ولا تستقيم العبارة بغير هذه الزيادة.

(٥) في جميع الأصول هنا: «الحسن»، وقد مر في أكثر من موضع من الأجزاء السابقة باسم «الحسين» وفي القليل منها باسم «الحسن» ولم نوفق إلى تصويبه.

(٦) في ح: «قضبات» (بالضاد المعجمة): جمع قضبة وهي القضيب أو القدح من نبع يجعل منه سهم.