كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

7 - أخبار عبادل ونسبه

صفحة 373 - الجزء 6

  بزينب ألمم قبل أن يرحل الركب

  فرأيت السوداء تخبط الأسود وتقول له: شهّرتني وأذعت في الناس ذكري⁣(⁣١)؛ فإذا هو نصيب وزوجته. قال إسحاق في خبره: وكان الذي اجتاز بهم وتغنّى ابن سريج.

  كان ابن سريج يغني لنسوة في شعره فلم يشأ أن يتعرف بهن:

  أخبرني الحسين بن يحيى عن حماد عن أبيه عن محمد بن كناسة عن أبيه قال: [قال]⁣(⁣٢) نصيب: واللَّه إني

  لأسير على راحلتي إذ أدركت نسوة ذوات جمال يتناشدن⁣(⁣٣) قولي:

  بزينب ألمم قبل أن يرحل الركب

  وإذا معهنّ ابن سريج؛ فقلن له: يا أبا يحيى، غنّنا في هذا الشعر، فغناهنّ فأحسن؛ فقلن: وددنا واللَّه يا أبا يحيى أن نصيبا معنا فيتمّ سرورنا؛ فحرّكت بعيري لأتعرّف بهنّ وأنشدهنّ؛ فالتفتت إحداهنّ إليّ فقالت حين رأتني:

  واللَّه لقد زعموا أن نصيبا يشبه هذا الأسود لا جرم؛ فقلت: واللَّه لا أتعرّف بهنّ سائر اليوم، ومضيت وتركتهنّ. قال:

  وكان الذي تغنى به ابن سريج من شعري:

  بزينب ألمم قبل أن يرحل الركب ... وقل إن تملَّينا فما ملَّك القلب

  وقل إن تنل بالحبّ منك مودّة ... فما مثل ما لقّيت من حبكم حب

  وقل في تجنّيها لك الذنب إنما ... عتابك من عاتبت فيما له عتب

  / فمن شاء رام الوصل أو قال ظالما ... لذي ودّه ذنب وليس له ذنب

  سأله جد جمال بنت عون أن ينشده قصيدته في زينب فأنشده:

  أخبرني الحرميّ بن أبي العلاء قال حدّثنا الزبير بن بكَّار قال حدّثني إبراهيم بن عبد اللَّه السّعدي⁣(⁣٤) عن جدّته جمال بنت عون عن جدّها قال:

  قلت للنّصيب: أنشدني يا أبا محجن من شعرك شيئا؛ فقال: أيّه تريد؟ قلت: ما شئت؛ قال: لا أنشدك أو تقترح ما تريد؛ فقلت: قولك:

  بزينب ألمم قبل أن يرحل الركب

  قال: فتبسّم وقال: هذا شعر قلته وأنا غلام؛ ثم أنشدني القصيدة. قال الزبير: وهي أجود ما قال.

  لامه عمر على تشهيره بالنساء فأخبر أنه تاب واستجازه فأجازه:

  أخبرني أحمد بن عبد العزيز الجوهري وحبيب بن نصر المهلَّبي قالا حدّثنا عمر بن شبّة قال حدّثنا المدائني عن أبي بكر الهذليّ قال حدّثني أيوب بن شاس، ونسخت هذا الخبر من كتاب / أحمد بن الحارث الخرّاز عن


(١) كذا في ح. وفي سائر الأصول: «فكري»، وهو تحريف.

(٢) التكملة عن ح.

(٣) في الأصول: «يتناشدون» وهو تحريف.

(٤) في ب، س: «السعيدي».