16 - أخبار النميري ونسبه
  الغناء لابن سريج ثاني ثقيل بالخنصر في مجرى البنصر عن إسحاق.
  أخبرني الحسين بن يحيى ومحمد بن مزيد قالا حدّثنا حماد بن إسحاق عن أبيه عن المدائني(١) عن عبد اللَّه بن مسلم الفهريّ(٢) قال:
  خرج عبد اللَّه بن جعفر متنزّها، فصادف ابن سريج وعزّة الميلاء متنزّهين، فأناخ ابن جعفر راحلته وقال لعزّة:
  غنّيني فغنّته، ثم قال لابن سريج: غنّني يا أبا يحيى، فغنّاه لحنه في شعر النميريّ:
  تضوّع مسكا بطن نعمان أن مشت
  فأمر براحلته فنحرت، / وشقّ حلَّته فألقى نصفها على عزّة والنصف الآخر على ابن سريج. فباع ابن سريج النصف الذي صار إليه بمائة وخمسين دينارا. وكانت عزّة إذا جلست في يوم زينة أو مباهاة ألقت النصف الآخر عليها تتجمّل به.
  سمع سعيد بن المسيب شعرا له فأعجبه وزاد عليه:
  أخبرني محمد بن خلف وكيع قال حدّثني عبد اللَّه بن أبي سعد قال حدّثني الحسن بن عليّ بن منصور قال أخبرني أبو عتّاب عن إبراهيم بن محمد بن العباس المطَّلبي:
  / أن سعيد بن المسيّب(٣) مرّ في بعض أزقّة مكة، فسمع الأخضر الحربيّ(٤) يتغنّي في دار العاص بن وائل:
  تضوّع مسكا بطن نعمان إذ مشت ... به زينب في نسوة خفرات
  فضرب برجله وقال: هذا واللَّه مما يلذّ استماعه، ثم قال:
  وليست كأخرى أوسعت جيب درعها ... وأبدت بنان الكفّ للجمرات(٥)
  وعلَّت(٦) بنان(٧) المسك وحفا(٨) مرجّلا ... على مثل بدر لاح في الظلمات
  وقامت تراءى يوم جمع(٩) فأفتنت ... برؤيتها من راح من عرفات
(١) هو أبو الحسن علي بن محمد بن عبد اللَّه بن أبي سيف المدائني مولى شمس بن عبد مناف. كان من رواة الأخبار المشهورين. ولد سنة ١٣٥ هـ وتوفي سنة ٢٢٥ هـ في منزل إسحاق بن إبراهيم الموصلي، وكان منقطعا إليه. وله من الكتب عدّة تصانيف ذكرها ابن النديم في «الفهرست».
(٢) هو أبو محمد عبد اللَّه بن وهب بن مسلم القرشي الفهري، أحد الأعلام المعروفين، ولد سنة ١٢٥ هـ وتوفي سنة ١٩٧ هـ. وكان ممن جمع وصنف، وله تصانيف كثيرة، وهو الذي حفظ علم أهل الحجاز ومصر. وروى عنه كثيرون، والمدائني المذكور أحد من رووا عنه.
(٣) المسيب: هو ابن حزن بن أبي وهب المخزومي، وأهل العراق يفتحون وأهل المدينة يكسرون. ويحكي عن سعيد ابنه أنه كان يقول:
سيب اللَّه من سيب أبي. وحكى (الكسر) عياض وابن المديني.
(٤) كذا في جميع الأصول هنا. وقد ذكر فيما مر من الأجزاء السابقة باسم «الجدي».
(٥) في ح: «بالجمرات».
(٦) كذا في جميع الأصول. ولعله يريد: كررت وضع الطيب في رأسها. ويحتمل أن تكون مصحفة عن: «غلت» (بالغين المعجمة):
وغل شعره بالطيب: أدخله فيه، وغل الدهن في رأسه: أدخله في أصول الشعر.
(٧) كذا في جميع الأصول. ولعلها محرفة عن «فتات».
(٨) الوحف: الشعر الغزير الأسود.
(٩) جمع: علم للمزدلفة، سميت به لاجتماع الناس بها.