18 - أخبار بشار وعبدة خاصة
  فسألنني من في البيو ... ت فقلت ما يحوين إنسا
  ليت العيون الناظرا ... ت طمسن عنّا اليوم طمسا
  فأصبن من طرف الحدي ... ث لذاذة وخرجن ملسا
  لولا تعرّضهن لي ... يا قسّ كنت كأنت قسّا
  لامه مالك بن دينار على تناوله أعراض الناس والتشبيب بالنساء فقال: لا أعاود ثم قال شعرا:
  أخبرني الأسديّ ويحيى بن عليّ بن يحيى ومحمد بن عمران الصّيرفي قالوا حدّثنا العنزيّ قال حدّثنا علي بن محمد عن جعفر بن محمد النّوفليّ قال:
  أتيت بشارا ذات يوم، فقال لي: ما شعرت منذ أيام إلا بقارع يقرع بابي مع الصبح؛ فقلت: يا جارية، انظري من هذا؛ فقالت: مالك بن دينار؛ فقلت: مالي ولمالك بن دينار! ما هو من أشكالي! ائذني له. فدخل فقال لي:
  يا أبا معاذ، أتشتم أعراض الناس وتشبّب بنسائهم! فلم يكن عندي إلا دفعه عن نفسي بأن قلت: لا أعاود؛ فخرج من عندي. وقلت في إثره:
  غدا مالك بملاماته ... عليّ وما بات من باليه(١)
  فقلت دع اللوم في حبّها ... فقبلك أعييت عذّ اليه
  وإنّي لأكتمهم سرّها ... غداة تقول لها الجاليه
  أعبدة مالك مسلوبة ... وكنت مقرطقة(٢) حاليه
  فقالت على رقبة: إنني ... رهنت المرعّث خلخاليه
  بمجلس يوم سأوفي به ... وإن أنكر الناس أحواليه
  أرسلت له عبدة السلام مع امرأة فرد عليها بشعر فيها:
  أخبرني وكيع قال حدّثني عمرو بن محمد بن عبد الملك قال حدّثني الحسن(٣) بن جهور قال حدّثني هشام بن الأحنف، راوية بشار، قال:
  إني لعند بشّار ذات يوم إذ أتته امرأة فقالت: يا أبا معاذ، عبدة تقرئك السلام وتقول لك: قد اشتدّ شوقنا إليك ولم نرك منذ أيام؛ فقال: عن غير مقلية / واللَّه كان ذاك. ثم قال لراويته: يا هشام، خذ الرقعة واكتب فيها ما أقول لك ثم ادفعه للرسول. قال هشام: فأملى عليّ:
  عبد إنّي إليك بالأشواق ... لتلاق وكيف لي بالتلاقي
  أنا واللَّه أشتهي سحر عيني ... ك وأخشى مصارع العشّاق
(١) راجع هذه الأبيات والتعليق عليها في ترجمته في الجزء الثالث ص ١٧٠ من هذه الطبعة.
(٢) مقرطقة: لابسة القرطق (بضم القاف وسكون الراء وفتح الطاء وقد تضم) وهو القباء. وقد مرت بلفظ: «معطرة».
(٣) الذي مر هو الحسن بن جمهور. ويروي عنه محمد بن عمر بن محمد بن عبد الملك، وعن محمد هذا يروي وكيع. (راجع ج ٣ ص ١٦١ س ٩ من هذه الطبعة).