كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

18 - أخبار بشار وعبدة خاصة

صفحة 456 - الجزء 6

  فسألنني من في البيو ... ت فقلت ما يحوين إنسا

  ليت العيون الناظرا ... ت طمسن عنّا اليوم طمسا

  فأصبن من طرف الحدي ... ث لذاذة وخرجن ملسا

  لولا تعرّضهن لي ... يا قسّ كنت كأنت قسّا

  لامه مالك بن دينار على تناوله أعراض الناس والتشبيب بالنساء فقال: لا أعاود ثم قال شعرا:

  أخبرني الأسديّ ويحيى بن عليّ بن يحيى ومحمد بن عمران الصّيرفي قالوا حدّثنا العنزيّ قال حدّثنا علي بن محمد عن جعفر بن محمد النّوفليّ قال:

  أتيت بشارا ذات يوم، فقال لي: ما شعرت منذ أيام إلا بقارع يقرع بابي مع الصبح؛ فقلت: يا جارية، انظري من هذا؛ فقالت: مالك بن دينار؛ فقلت: مالي ولمالك بن دينار! ما هو من أشكالي! ائذني له. فدخل فقال لي:

  يا أبا معاذ، أتشتم أعراض الناس وتشبّب بنسائهم! فلم يكن عندي إلا دفعه عن نفسي بأن قلت: لا أعاود؛ فخرج من عندي. وقلت في إثره:

  غدا مالك بملاماته ... عليّ وما بات من باليه⁣(⁣١)

  فقلت دع اللوم في حبّها ... فقبلك أعييت عذّ اليه

  وإنّي لأكتمهم سرّها ... غداة تقول لها الجاليه

  أعبدة مالك مسلوبة ... وكنت مقرطقة⁣(⁣٢) حاليه

  فقالت على رقبة: إنني ... رهنت المرعّث خلخاليه

  بمجلس يوم سأوفي به ... وإن أنكر الناس أحواليه

  أرسلت له عبدة السلام مع امرأة فرد عليها بشعر فيها:

  أخبرني وكيع قال حدّثني عمرو بن محمد بن عبد الملك قال حدّثني الحسن⁣(⁣٣) بن جهور قال حدّثني هشام بن الأحنف، راوية بشار، قال:

  إني لعند بشّار ذات يوم إذ أتته امرأة فقالت: يا أبا معاذ، عبدة تقرئك السلام وتقول لك: قد اشتدّ شوقنا إليك ولم نرك منذ أيام؛ فقال: عن غير مقلية / واللَّه كان ذاك. ثم قال لراويته: يا هشام، خذ الرقعة واكتب فيها ما أقول لك ثم ادفعه للرسول. قال هشام: فأملى عليّ:

  عبد إنّي إليك بالأشواق ... لتلاق وكيف لي بالتلاقي

  أنا واللَّه أشتهي سحر عيني ... ك وأخشى مصارع العشّاق


(١) راجع هذه الأبيات والتعليق عليها في ترجمته في الجزء الثالث ص ١٧٠ من هذه الطبعة.

(٢) مقرطقة: لابسة القرطق (بضم القاف وسكون الراء وفتح الطاء وقد تضم) وهو القباء. وقد مرت بلفظ: «معطرة».

(٣) الذي مر هو الحسن بن جمهور. ويروي عنه محمد بن عمر بن محمد بن عبد الملك، وعن محمد هذا يروي وكيع. (راجع ج ٣ ص ١٦١ س ٩ من هذه الطبعة).