19 - أخبار الأحوص مع أم جعفر
  ابن المعتزّ: حدّثني أبو عبد اللَّه الهشاميّ: أنّ عريب صنعت فيه لحنها الرمل بعد أن أفضت الخلافة إلى المعتصم، فأعجبه وأمرها أن تطرحه على جواريه، ولم أسمع بشرا قطَّ غنّاه أحسن من خشف الواضحيّة.
  / وكل أخبار هؤلاء المغنّين قد ذكرت، أو لها(١) موضع تذكر فيه، إلا عاتكة بنت شهدة فإن أخبارها تذكر هاهنا؛ لأنه ليس لها شيء أعرفه من الصنعة فأذكره غير هذا. وقد ذكر جحظة عن أصحابه أن لحنها هو المختار فوجب أن نذكر أخبارها معه أسوة غيرها.
  عاتكة بنت شهدة وشئ من أخبارها:
  / كانت عاتكة بنت شهدة مدنيّة. وأمّها شهدة جارية الوليد بن يزيد، وهو الصحيح. وكانت شهدة مغنيّة أيضا.
  غنى ابن داود الرشيد صوتا لأمها فطرب:
  حدّثني محمد بن يحيى الصّوليّ قال حدّثنا العلاء قال حدّثني عليّ بن محمد النّوفليّ قال حدّثني عبد اللَّه بن العبّاس الرّبيعيّ عن بعض المغنّين قال:
  كنّا ليلة عند الرشيد ومعنا ابن جامع والموصليّ وغيرهما، وعنده في تلك الليلة محمد بن داود بن إسماعيل بن عليّ؛ فتغنّى المغنّون، ثم اندفع محمد بن داود فغنّاه بين أضعافهم:
  صوت
  أمّ الوليد سلبتني حلمي ... وقتلتني فتخوّفي إثمي
  باللَّه يا أمّ الوليد أما ... تخشين فيّ عواقب الظلم
  وتركتني أبغي(٢) الطبيب وما ... لطبيبنا بالداء من علم
  خافي إلهك في ابن عمّك قد ... زوّدته سقما على سقم
  قال: فاستحسن الرشيد الصوت واستحسنه جميع من حضره وطربوا له. فقال له الرشيد: يا حبيبي، لمن هذا الصوت؟ فقال: يا أمير المؤمنين، سل هؤلاء المغنّين / لمن هو. فقالوا: واللَّه ما ندري، وإنه لغريب. فقال:
  بحياتي لمن هو؟ فقال: وحياتك ما أدري إلا أنّي أخذته من شهدة جارية الوليد أمّ عاتكة بنت شهدة. هذا الشعر المذكور لابن قيس الرّقيّات، والغناء لابن محرز، وله فيه لحنان، أحدهما ثقيل أوّل بالخنصر في مجرى الوسطى عن إسحاق، والآخر خفيف ثقيل بالبنصر عن عمرو. وفيه لسليم خفيف رمل بالبنصر. ولحسين بن محرز ثقيل أوّل عن الهشاميّ وحبش.
  كانت ضاربة مجيدة وعنها أخذ إسحاق الموصليّ:
  أخبرني محمد بن مزيد عن حمّاد بن إسحاق عن أبيه: أنه ذكر عاتكة بنت شهدة يوما فقال:
  كانت أضرب من رأيت بالعود؛ ولقد مكثت سبع سنين أختلف إليها في كل يوم فتضاربني ضربا أو ضربين، ووصل إليها منّي ومن أبي أكثر من ثلاثين ألف درهم بسببي: دراهم وهدايا.
(١) في جميع الأصول: «أولها في موضع ... إلخ». والظاهر أن كلمة «في» مقحمة.
(٢) كذا في ح. وفي سائر الأصول: «أنعى»، وهو تصحيف.