كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

19 - أخبار الأحوص مع أم جعفر

صفحة 468 - الجزء 6

  ماتت بالبصرة، وقصتها مع ابن جامع عند الرشيد:

  أخبرني يحيى بن عليّ بن يحيى عن أبيه عن إسحاق قال:

  كانت عاتكة بنت شهدة أحسن خلق اللَّه غناء وأرواهم، وماتت بالبصرة. وأمّها شهدة نائحة من أهل مكة.

  وكان ابن جامع يلوذ منها بكثرة الترجيع. فكان إذا أخذ يتزايد في غنائه قالت له: إلى أين يا أبا القاسم! ما هذا الترجيع الذي لا معنى له! عد بنا إلى معظم الغناء ودع من جنونك. فأضجرته يوما بين يدي الرشيد فقال لها: إني أشتهي، علم اللَّه، أن تحتكّ شعرتي بشعرتك. فقالت: اخسأ، قطع اللَّه ظهرك! ولم تعد لأذاه بعدها.

  غنت جارية بشعر فعارضتها هي وذمت بندارا الزيات:

  أخبرني حبيب بن نصر المهلَّبيّ قال حدّثنا الزّبير بن بكَّار قال: قال لي عليّ بن جعفر بن محمد:

  / دخلت على جواري المروانيّ المغنيات بمكة، وعاتكة بنت شهدة تطارحهنّ لحنها:

  يا صاحبيّ دعا الملامة واعلما ... أنّ الهوى يدع الكرام عبيدا

  فجعلت واحدة منهنّ تقول: «يدع الرجال عبيدا». فصاحت بها عاتكة بنت شهدة: ويلك! بندار الزيات العاضّ بظر أمه رجل! أفمن الكرام هو!. قال: فكنت إذا مرّبي بندار أو رأيته غلبني الضحك فأستحيى منه وآخذ بيده وأجعل ذلك بشاشة؛ حتى أورث هذا / بيني وبينه مقاربة؛ فكان يقول: أبو الحسن عليّ بن جعفر صديق لي.

  علمت مخارقا الغناء وهو مولى لها:

  وكان مخارق مملوكا لعاتكة، وهي علَّمته الغناء ووضعت يده على العود، ثم باعته؛ فانتقل من ملك رجل إلى ملك آخر حتى صار إلى الرشيد. وقد ذكر ذلك في أخباره.

  صوت من المائة المختارة

  ولو أنّ ما عند ابن بجرة عندها ... من الخمر لم تبلل لهاتي⁣(⁣١) بناطل

  لعمري لأنت⁣(⁣٢) البيت أكرم أهله ... وأقعد في أفيائه⁣(⁣٣) بالأصائل⁣(⁣٤)

  / عروضه من الطويل. الشعر لأبي ذؤيب الهذليّ. والغناء لحكم الواديّ، ولحنه المختار من الثقيل الأوّل بالبنصر في مجراها. ابن بجرة هذا، فيما ذكره الأصمعيّ، رجل كان يبيع الخمر بالطائف، وزعم أن الناطل كوز تكال به الخمر. وقال ابن الأعرابي: ليس هذا بشيء، وزعم أن الناطل: الشيء؛ يقال: ما في الإناء ناطل، أي شيء. وقال أبو عمرو الشّيباني: سمعت الأعراب يقولون: الناطل: الجرعة من الماء واللبن والنبيذ. انتهى.


(١) اللهاة: اللحمة المشرفة على الحلق في أقصى سقف الفم.

(٢) كذا في س. وفي سائر الأصول: «لآتي البيت».

(٣) كذا في شرح ديوانه رواية أبي سعيد الحسن بن الحسين السكري المخطوط والمحفوظ بدار الكتب المصرية (تحت رقم ١٩ أدب ش) و «ديوان الهذليين» المخطوط والمحفوظ بدار الكتب المصرية (تحت رقم ٦ أدب ش) و «لسان العرب» (مادتي «فيأ» و «أصل»).

والأفياء: جمع فيء وهو الظل، ولا يكون الفيء إلا بالعشيّ. وفي جميع الأصول: «أفنائه» (بالنون) وهو تصحيف.

(٤) الأصائل: العشيات.