كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

20 - ذكر أبي ذؤيب وخبره ونسبه

صفحة 470 - الجزء 6

  تقدّم شعراء هذيل بقصيدته العينية:

  قال أبو زيد عمر بن شبّة:

  تقدّم أبو ذؤيب جميع شعراء هذيل بقصيدته العينيّة التي يرثي فيها بنيه. يعني قوله:

  أمن المنون وريبه تتوجّع ... والدهر ليس بمعتب من يجزع

  وهذه يقولها في بنين له خمسة أصيبوا في عام واحد بالطاعون ورثاهم فيها. وسنذكر جميع ما يغنّى فيه منها على أثر أخباره هذه.

  خرج مع عبد اللَّه بن سعد لغزو إفريقية وعاد مع ابن الزبير فمات في مصر:

  أخبرني الحسين بن يحيى عن حمّاد بن إسحاق عن أبيه عن مصعب الزّبيريّ، وأخبرني حرميّ بن أبي العلاء قال حدّثنا الزّبير بن بكَّار قال حدّثني عمّي قال:

  كان أبو ذؤيب الهذلي خرج في جند⁣(⁣١) عبد اللَّه بن سعد⁣(⁣٢) بن أبي سرح أحد بني عامر بن لؤيّ إلى إفريقية سنة ستّ وعشرين غازيا إفرنجة في زمن عثمان. فلما / فتح عبد اللَّه بن سعد إفريقية وما والاها بعث عبد اللَّه بن الزبير - وكان في جنده - بشيرا إلى عثمان / بن عفّان، وبعث معه نفرا فيهم أبو ذؤيب. ففي عبد اللَّه يقول أبو ذؤيب:

  فصاحب صدق كسيد الضّرا ... ء ينهض في الغزو نهضا نجيحا⁣(⁣٣)

  في قصيدة له.

  وصف ابن الزبير لحرب إفريقية:

  فلما قدموا مصر مات أبو ذؤيب⁣(⁣٤) بها. وقدم ابن الزبير على عثمان، وهو يومئذ، في قول ابن الزبير، ابن ستّ وعشرين سنة؛ وفي قول الواقديّ ابن أربع وعشرين سنة. وبشّر عبد اللَّه عند مقدمه بخبيب بن عبد اللَّه بن الزبير وبأخيه عروة بن الزبير، وكانا ولدا في ذلك العام، وخبيب أكبرهما. قال مصعب: فسمعت أبي والزبير بن خبيب بن


(١) وكان ضمن جند عبد اللَّه أيضا معبد بن العباس بن عبد المطلب ومروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية والحارث بن الحكم أخوه والمسور بن مخرمة بن نوفل وعبد الرحمن بن زيد بن الخطاب وعبد اللَّه بن عمر بن الخطاب وعاصم بن عمر وعبيد اللَّه بن عمر وعبد الرحمن بن أبي بكر وعبد اللَّه بن عمرو بن العاص وبسر بن أبي أرطاة بن عويمر العامري. (راجع «فتوح البلدان» للبلاذري).

(٢) هو عبد اللَّه بن سعد بن أبي سرح العامري، وكان يكتب الوحي لرسول اللَّه فارتدّ عن الإسلام ولحق بالمشركين بمكة. وكان معاوية بن أبي سفيان بمكة قد أسلم وحسن إسلامه فاتخذه رسول اللَّه كاتبا للوحي بعد ابن أبي سرح. فلما فتح النبي مكة استجار عبد اللَّه بن سعد بدار عثمان ¥ فأخذ له عثمان الأمان من النبي . وكان ابن أبي سرح أخا لعثمان من الرضاعة، فحسن إسلامه من ذلك الوقت. فلما أفضت الخلافة إلى عثمان ¥ ولاه على ملك مصر وجندها سنة ٢٥ هـ فكان يبعث المسلمين في جرائد الخيل فيغيرون على أطراف إفريقية. فكتب إلى عثمان يخبره بما نال المسلمون من عدوهم، فكان ذلك السبب في توجيه الجيش إليه وتقديمه عليه ودخوله به للغزو إلى إفريقية.

(٣) كذا ورد هذا البيت في «شرح ديوان أبي ذؤيب» وقبله شعر يدل على هجر محبوبته له وإعراضها عنه إلى غيره. يقول: فإن استبدلت بي إنسانا فاستبدلي بي مثل هذا الصاحب. والضراء: ما واراك من شجر. والسيد: الذئب. وأخبث ما يكون من الذئاب سيد الضراء الذي تعوده. وقد صححه الأستاذ الشنقيطي بهذه الرواية في هامش نسخته. وفي الأصول: «وصاحب صدق كسيد الغضي ...

إلخ.

(٤) في «فتوح البلدان» للبلاذري (ص ٢٢٦ طبع أوروبا): أن أبا ذؤيب توفي بإفريقية فقام بأمره ابن الزبير حتى واراه في لحده. ورواية البلاذري تنفق مع ما ذكره ابن قتيبة في «طبقات الشعراء» (ص ٤١٣ طبع أوروبا) وابن الأثير في «الكامل» (ج ٣ ص ٧٠ طبع أوروبا) وابن حجر في «الإصابة» (ج ٧ ص ٦٣ طبع مطبعة السعادة). وسيذكر المؤلف في هذه الترجمة أنه مات بأرض الروم ودفن بها.