كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

22 - ذكر ابن جامع وخبره ونسبه

صفحة 492 - الجزء 6

  الموصليّ فقال: قد خري فيه؛ وفهمت صدقه قال: فقلت لابن جامع: يا أبا القاسم، أعد الصوت وتحفّظ فيه؛ فانتبه وأعاده فأصاب. فقال إبراهيم:

  /

  أعلَّمه الرّماية كلّ يوم ... فلمّا استدّ ساعده رماني

  وتنكَّر لي لميلي مع ابن جامع عليه. فقلت للرّشيد بعد أيام: إن لي حاجة إليك. قال: وما هي؟ قلت: تسأل إبراهيم الموصليّ أن يرضى عنّي ويعود إلى ما كان عليه. فقال: إنما هو عبدك، وقال له: قم إليه فقبّل رأسه.

  فقلت⁣(⁣١): لا ينفعني رضاه في الظاهر دون الباطن، فسله أن يصحّح الرّضا. فقام إليّ ليقبّل رأسي كما أمر، فقال لي وقد أكبّ عليّ ليقبّل رأسي: أتعود؟ قلت لا. قال: قد رضيت عنك رضا صحيحا. وعاد إلى ما كان عليه.

  غنى بعد إبراهيم الموصلي عند الرشيد فأجاد:

  وقال حمّاد عن أبي يحيى العباديّ قال: قدم⁣(⁣٢) حوراء غلام حمّاد الشّعراني وكان أحد المغنّين المجيدين قال حدّثني بعض أصحابنا قال:

  كنّا في دار أمير المؤمنين الرشيد فصاح بالمغنّين: من فيكم يعرف.

  وكعبة نجران⁣(⁣٣) حتم علي ... ك حتى تناخي بأبوابها؟

  - الشعر للأعشى - فبدرهم إبراهيم الموصليّ فقال: أنا أغنيّه، وغنّاه فجاء بشيء عجيب. فغضب ابن جامع وقال لزلزل: دع العود، أنا من جحاش / وجرة⁣(⁣٤) لا أحتاج إلى بيطار؛ ثم غنّى الصوت؛ فصاح إليه مسرور⁣(⁣٥):

  أحسنت يا أبا القاسم! ثلاث مرات.

  نسبة هذا الصوت

  صوت

  /

  وكعبة نجران حتم علي ... ك حتى تناخي بأبوابها

  نزور⁣(⁣٦) يزيد وعبد المسيح ... وقيسا هم⁣(⁣٧) خير أربابها


(١) كذا في ح. وفي سائر الأصول: «فقال».

(٢) كذا في جميع الأصول. ولعلها محرفة عن «قال».

(٣) نجران: موضع في مخاليف اليمن من ناحية مكة. قالوا: سمي بنجران بن زيد بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان، لأنه كان أوّل من عمرها. وكعبة نجران هذه يقال: إنها بيعة بناها بنو عبد المدان بن الديان الحارثي على بناء الكعبة وعظموها مضاهاة للكعبة وسموها كعبة نجران. وذكر هشام بن الكلب أنها كانت قبة من أدم من ثلاثمائة جلد، كان إذا جاءها الخائف أمن، أو طالب حاجة قضيت، أو مسترفد أرفد. وكان لعظمها عندهم يسمونها كعبة نجران. (عن «معجم البلدان» لياقوت). وقد أورد أبو الفرج قصة هذا الشعر في خبر أساقفة نجران مع النبي (ج ١٠ ص ١٤٣ طبع بولاق).

(٤) قال الأصمعي: وجرة - وفيها أقوال أخرى - بين مكة والبصرة بينها وبين البصرة نحو أربعين ميلا ليس فيها منزل، فهي مرب للوحش. يريد أنه يجري على الطبيعة والفطرة لا يحتاج إلى معين من الصناعات الآلية كسائر المغنين الحضريين.

(٥) هو أبو هاشم خادم الرشيد، وكان أوثق رجاله عنده وقد تولى له قتل جعفر بن يحيى البرمكي. (انظر «الطبري» قسم ٣ ص ٦٧٩ و ٦٨٢).

(٦) كذا في «مسالك الأبصار» (ج ١ ص ٣٥٩) و «الأغاني» (ج ١٠ ص ١٤٣ طبع بولاق) و «معجم البلدان» (ج ٤ ص ٧٥٦ طبع أوروبا). وفي جميع الأصول هنا: «تزور» (بالتاء المثناة الفوقية).

(٧) في «مسالك الأبصار» (ص ٣٥٩):

... وهم ... إلخ ...»